شهدت قمة شرم الشيخ للمناخ بداية الأيام المخصصة للمناقشات “الموضوعية”، حيث ركزت مناقشات اليوم الأربعاء على التمويل. وقد أكد النشطاء منذ البداية على ضرورة أن يكون هناك دافع عالمي لإعادة توجيه مئات المليارات من الدولارات المستثمرة سنويا في الوقود الأحفوري للمساعدة في تمويل مبادرات الطاقة المتجددة التي تقودها المجتمعات المحلية.
امتلأت “المنطقة الزرقاء” – المنطقة الرئيسية لمركز المؤتمرات في شرم الشيخ الذي تشرف عليه الأمم المتحدة- بأكثر من 50 ناشطا من جميع الأعمار والخلفيات وهم يهتفون “أوقفوا تمويل الوقود الأحفوري، توقفوا عن تمويل الموت”.
كانت سوزان هوانغ، ممثلة منظمة غير الحكومية معنية بتغير المناخ، من بين المشاركين الذين يهدفون إلى إلقاء الضوء على حقيقة أن الدول الغنية- ومثلما أشار الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع- لا تزال تضخ الأموال في الوقود الأحفوري بينما هناك حاجة عاجلة إلى الانتقال إلى الطاقة المتجددة.
وقالت لأخبار الأمم المتحدة:
“في قمة مجموعة السبع العام الماضي، كان هناك اتفاق لوقف التمويل العام للوقود الأحفوري بحلول نهاية هذا العام. لكن وكالة الطاقة الدولية قد خرجت وقالت إن الانتقال البطيء إلى مصادر الطاقة المتجددة في الواقع هو ما يؤدي إلى تفاقم أزمة المناخ وأزمة الطاقة. لذلك، نحث قادة العالم على الوفاء بالتزاماتهم ووقف التمويل العام للوقود الأحفوري”.
وأشارت السيدة هوانغ إلى أن هذه الاستثمارات (في الوقود) تتسبب أيضا في أضرار بليغة، وتدمر التنوع البيولوجي وتدمر سبل العيش في جميع أنحاء العالم.
بينما ألقت ديبتي بهاتناغار، من منظمة أصدقاء الأرض الدولية في موزمبيق، خطابا حماسيا قالت فيه:
“تسعى الدول الغنية إلى الاستيلاء على احتياطيات الغاز الهائلة، ويتم تجريد الناس من أراضيهم. يعيش مليون شخص من أصل 23 مليونا [من سكان موزمبيق] في مخيمات اللاجئين بسبب الغاز. نقول لا لمزيد من تمويل الغاز. لن ندع أفريقيا تحترق”.
أوضحت الناشطتان أن أفضل طريقة لزيادة الوصول إلى الطاقة في جميع أنحاء العالم وتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفا هي الاستثمار في خطط الطاقة المتجددة التي يمكن التحكم فيها وتشغيلها بواسطة الناس في المجتمعات المحلية”.
من ناحية أخرى، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة الحكومات والقطاع المالي اللذين يواصلان الاستثمار في الوقود الأحفوري.
كان السيد أنطونيو غوتيريش يتحدث في حفل إطلاق قائمة جرد مستقلة جديدة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي أنشأها تحالف Climate TRACE بقيادة نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل غور.
آل غور هو مؤلف الكتاب الشهير “حقيقة مزعجة”، وهو معروف بكونه أحد أوائل المدافعين عن العمل المناخي.
تجمع الأداة الجديدة بين بيانات الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لإظهار الانبعاثات على مستوى المنشأة لأكثر من 70 ألف موقع حول العالم، بما في ذلك الشركات في الصين والولايات المتحدة والهند. وسيمكن ذلك القادة من معرفة موقع ونطاق الانبعاثات التي يتم إطلاقها.
وأوضح السيد غوتيريش أن البيانات الصادرة عن المبادرة تظهر أنه بسبب عدم الإبلاغ عن تسرب غاز الميثان، والاحتراق، والأنشطة الأخرى المرتبطة بإنتاج النفط والغاز، فإن الانبعاثات أعلى بعدة مرات مما تم الإبلاغ عنه سابقا.
وأضاف: “ينبغي أن يكون هذا بمثابة جرس إنذار للحكومات والقطاع المالي، خاصة تلك التي تواصل الاستثمار في تلوث الوقود الأحفوري وتدعمه”.
وسلط العرض التفاعلي غير المسبوق الذي قدمه آل غور- وهو متوفر الآن عبر الإنترنت – حجم الدمار الناجم عن المناخ في جميع أنحاء العالم.
وقام آل غور بتشغيل مقطع فيديو على شاشات ضخمة لقنبلة ذرية تنفجر مما أثار حيرة وفضول الحاضرين. وقد أراد بذلك تسليط الضوء على حقيقة شاركها في وقت سابق في افتتاح القمة المناخ وهي أن تلوث غازات الاحتباس الحراري المتراكم في غلافنا الجوي يحبس قدرا إضافيا من الحرارة تماثل انفجار 600 ألف قنبلة ذرية كل يوم.
وذكر آل غور المندوبين قائلا: “أخبرنا الأمين العام خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول/سبتمبر، عن موجات الحر في أوروبا، والفيضانات في باكستان، والجفاف الشديد .. وربطها كلها، بشكل صحيح، بثمن إدمان البشرية على الوقود الأحفوري”.
وأوضح أن هذه الكوارث تكلف الاقتصاد العالمي حاليا 2.5 تريليون دولار سنويا. ومع ذلك، قال إن العالم يمر بنقطة تحول لأن الحلول موجودة لعكس الوضع وتعزيز الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
ووصف آل غور التمويل والإعانات المقدمة للوقود الأحفوري بأنهما “جنون”، مشيرا إلى أن إمكانات تمويل الطاقة المتجددة في أفريقيا يتم التغاضي عنها مع عدم غياب أي إمكانية للحصول على تمويل للقارة.
“إن إمكانات طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكبر بـ 400 مرة من إجمالي احتياطيات الوقود الأحفوري في أفريقيا وهي خالية من التلوث وتخلق المزيد من فرص العمل، ولكن هناك فجوة مالية .. ولهذا السبب هناك الكثير من الاهتمام في مؤتمر الأطراف هذا بهدف تغيير نظام التخصيص في رأس المال العالمي”.
ثم أوضح بعد ذلك أن الأداة الجديدة- التي تجمع بين البيانات الموثوقة والمؤكدة من أكثر من 100 مؤسسة و30 ألف جهاز استشعار- يمكن أن تساعد الحكومات على توجيه إجراءاتها.
وقال إن الأداة الجديدة “تجعل من الصعب على الجهات المصدرة للانبعاثات أن تمارس الغش”، مشيرا إلى أن أهم 14 مصدرا فرديا للانبعاثات في العالم تقع جميعا في حقول النفط والغاز.
ووصف السيد غوتيريش البيانات الصادرة عن الأداة بأنها “مصدر حاسم” لجهود جمع المعلومات في سبيل معالجة حالة الطوارئ المناخية.
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن الأداة الجديدة ستكون حاسمة لقادة الأعمال الذين يعملون على إزالة الكربون من سلاسل التوريد الخاصة بهم، وللحكومات التي تعمل على مواءمة صنع السياسات مع خططها المناخية، وللمستثمرين الذين يعملون على تتبع تقدم القطاع الخاص نحو الصافي الصفري.
سلط يوم التمويل في قمة المناخ الضوء على الحاجة إلى استثمارات تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات كل عام لتحقيق تحولات سريعة بعيدة المدى مطلوبة لمعالجة تأثير أزمة المناخ، وتحقيق أهداف اتفاق بـاريس.
وقد ناقش المندوبون والنشطاء والمصرفيون الاستثماريون وغيرهم من أصحاب المصلحة في مختلف غرف المؤتمرات والأجنحة و “مراكز العمل”، وفي المفاوضات المغلقة، أهمية سد فجوة التمويل الحالية في المجالات الحاسمة للعمل المناخي مثل التخفيف من الانبعاثات، التكيف والخسائر والأضرار.
اتفق الخبراء على أن الدفعة المالية يجب أن تأتي من جميع القطاعات، العامة أو الخاصة، الديون أو الأسهم، التجارية أو الخيرية.
في حديثه لأخبار الأمم المتحدة، قال أنجالي فيسواموهانان، مدير السياسات في مجموعة Asia Investor Group: “التمويل هو الحل الأكبر الذي يمكن أن يدفع العمل في كل مكان”.
تمثلت إحدى الدعوات الكبرى في سد “فجوة التكيف”. وفقا لهيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (UNFCCC)، يجب على مطوري المشاريع والمستثمرين التركيز على التحضير والاستثمار في المشاريع التي تبني القدرة على الصمود وتحمي الضعفاء من الآثار السلبية لتغير المناخ؛ وتدفع التغيير الشامل والابتكار من أجل تحول محايد للكربون ومقاوم للمناخ في سياق انتقال عادل؛ وتحمي وتستعيد رأس المال الطبيعي.