وزير التربية والتعليم الفلسطيني يرصد إنجازات فلسطين في تحويل مسار التعليم

قال وزير التربية والتعليم الفلسطيني، د. مروان عورتاني، في مقابلة خاصة مع أخبار الأمم المتحدة إن فلسطين تسعى لأن تكون نموذجا يُحتذى به كدولة طبّقت تغييرات في نظام التعليم بمواردها الشحيحة والتحديات الكبيرة التي تواجهها وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي.

وقد شاركت فلسطين في ثلاث فعاليات في إطار قمّة تحويل التعليم التي جرت في المقرّ الدائم بنيويورك قبيل افتتاح الدورة الـ 77 للجمعية الجمعية.

وقال د. مروان عورتاني، وزير التربية والتعليم الفلسطيني، إنه سلّط الضوء خلال مشاركاته على حقيقة أن فلسطين أطلقت قبل ثلاث سنوات أجندة بعنوان “أجندة الإصلاح البنيوي لنظام التعليم” وقال إن الإصلاح البنيوي وتحويل التعليم متشابهان جدا. “كنا نتحدث عن الإصلاح الهيكلي، أي الشمولية وليس الإصلاحات الصغيرة.”

وأوضح أن المحاور الخمسة التي تناولتها القمة هي جزء من أجندة الإصلاح التي تعمل عليها فلسطين منذ ثلاثة أعوام، “فكان الشعور جميلا أن يسير الكون في هذه الأجندة التي أدركتها فلسطين بحكمتها الأصلية.”

شدد د. عورتاني على أهمية الحق في التعليم والوصول الآمن إلى المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى. وقال إن مشكلة فلسطين لا تتركز في عدد المعلمين أو التمويل، “ولكن القضية الأساسية هي كيف أننا سنضمن العدالة وتكافؤ الفرص لجميع شرائح المجتمع الفلسطيني والطلاب.”

وأشار إلى وجود معوقات خارج نطاق الوزارة، على سبيل المثال في المناطق التي لا توجد فيها سلطة كاملة لدولة فلسطين وهذه المناطق تشكل أكثر من 60 في المائة من فلسطين.

كما لا توجد ولاية حقيقية لدولة فلسطين في القدس.

وقال: “حتى لو احتجت – ضمن جميع الخطط التي تضعها – بناء رياض أطفال ومدارس ابتدائية أو توسيع مدرسة ثانوية، أو تركيب طاقة شمسية، أو تركيب ملعب أو مختبر، لا يمكن فعل أي شيء بدون تصريح من السلطة القائمة بالاحتلال.”

هذا التصريح بعيد المنال. وفي بعض الحالات، يستغرق الأمر عامين للحصول على رخصة لبناء روضة تتألف من غرفتين على حد قوله.

ومن التحديات الأخرى الوصول الآمن. وأوضح د. عورتاني بالقول: “فلنقل إننا تمكنّا من بناء مدارس، ألا تريدون أن يصل إليها الطلاب؟ لا توجد طرق وتعبيد الطرق أيضا يتطلب رخصة، يضطر الكثير من الطلاب للسير على الأقدام مسافة 6 كيلومترات يوميا.”

وأشار إلى أن البعض قد يعتقد أن السير قد يكون تمرينا جيدا للأطفال في الصباح، “لكن أن يعتري هذا المسار ترويع منهجي يومي، من مستوطنين لا تعلم متى يأتون ومن أين يأتون.”

يمرّ الطلاب الفلسطينيون بهذه الظروف بشكل يومي، لهذا السبب أصبح الأهالي يصطحبون أطفالهم، بالإضافة إلى متطوعين محليين ونشطاء من المجتمع المحلي. لكنها عملية معقّدة وصعبة وغير مستدامة، بحسب المسؤول الفلسطيني.

“حتى عند الوصول إلى المدرسة، يتم اقتحام المدارس وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع عليها، وأكثر ما ترك في نفسي أثرا عميقا، أننا افتتحنا مدرسة وبعد عام أو اثنين تم هدمها.”

يشير الدكتور عورتاني إلى مدرسة في شرقي رام الله، هدمتها السلطة القائمة بالاحتلال بعد أعوام على افتتاحها بسبب عدم وجود ترخيص.

وتابع يقول: “جرفوا الذكريات وشقاوة الأطفال وابتساماتهم.”

حذر د. عورتاني من حالة القلق وعدم اليقين وعدم الاستقرار والترقب والخوف الذي يؤثر كثيرا على نفسية الطالب.

وقال: “لهذا السبب فإن حماية وصول الطلاب للمدارس مهمة، ولذا قمنا بالانضمام إلى ما يُسمّى بإعلان المدارس الآمنة. ونطالب العالم – ثمّة حوالي 116 دولة عضوة – بأن يكتمل الانضمام لكل أفراد الأسرة الدولية في العالم، وعلى وجه الخصوص إسرائيل لأنها هي المسؤولة عن عدم الوصول الآمن والوجود الآمن.”

ورسم صورة هي ليست أفضل للوضع في غزة، حيث تسببت الحرب على غزة بهدم مدارس، كما أن البيئة المدرسية تشوبها أجواء من العنف والقلق، “وهو عكس ما نريده، نريد بيئة مدرسية آمنة لتتعلم وتنشأ كإنسان سوي.”

وفي القدس، تطرق إلى مساعي إسرائيل إلى تغيير المنهاج في المدارس.

وأشار إلى وجود وضع قائم للتعليم في القدس، “ينص على أن مدارس فلسطين تدرّس المنهاج الفلسطيني، توجد 6 أو 7 اتفاقيات وقوانين دولية تسوّغ ذلك وتلزم السلطة القائمة بالاحتلال بذلك.”

وحذر من مخاطر تغيير المنهاج، قائلا إنه يستهدف الوعي الفلسطيني، “وما أسمّيه بالتركيبة الجينية أو DNA التكوين، أي تكوين الطالب.”

وأوضح بالقول: “إذا كان تكوين الطالب سويّا وهويته واضحة وجذوره وكيانه واضحين، فلا قلق من ذلك. لكن إذا تم التلاعب بذلك فهناك مشكلة.”

وأشار إلى أن إسرائيل تطبع كتبا بمنهاج محرّف وتوّزعها على الأطفال، لكنّ وليّ الأمر أو المعلّم كان يستخدم الكتب التي تقدّمها لهم السلطة في رام الله.

وأكد أن هذا العام، قامت السلطة القائمة بالاحتلال بتصعيد غير مسبوق منذ عقود.

وقال: “المعركة في القدس هي معركة كيان، فالكيان هو التكوين والهوية. أين اسم فلسطين؟ يريدون أن نكون مواطنين افتراضيين ليس لنا وطن. يزيلون الوطن والجغرافيا والتاريخ، مع إزالة اللاجئين والعودة والقدس والمقاومة والاحتلال.”

وأكد أن هذه “معوقات بنيوية خارج النطاق،” وحذر من أنه إذا لم تضع الأمم المتحدة والقمة العالمية في عين الاعتبار المعوقات البنيوية من هذا النوع فلن يكون الأمر ناجعا.

ولدى سؤاله عمّا لمسه من الدول الأعضاء أثناء مشاركتهم تلك التحديات، قال الدكتور مروان عورتاني إنه شعر بتفهم وحصل على وعود بعمل كل ما يمكن عمله، لكنه قال إن فرص النجاح في هذا الأمر ليست واضحة.

وأضاف أن التحديات الأخرى كثيرة أيضا، على سبيل المثال فيما يتعلق بالتحول الرقمي – للقيام بتطبيق التعليم عبر الإنترنت، الشبكة الحالية في فلسطين ليست قوية بما يكفي، والترددات الممنوحة محدّدة بذلك.

ثانيا، في المناطق المهمّشة لا يوجد أي ربط بالإنترنت. وحتى الآن لا يوجد في الضفة الغربية الجيل الرابع من الإنترنت ولا الخامس، وفي غزة لا يوجد سوى الجيل الثاني.

أكد الوزير عورتاني أن فلسطين قامت بتطبيق كل ما دار الحديث عنه في قمة التحويل، والممارسات الدولية الفضلى.

وأشار إلى أن العمل التطوعي والخدمة المجتمعية للطالب أمور إلزامية.

وفسّر بالقول: “هذا العام، كل طالب في فلسطين في الصف الرابع وما فوق يجب أن يختار طبيعة الانخراط المناسب، هناك من يحب البيئة وهناك من يحب الحصاد والزراعة أو تنظيف المدرسة.”

وشدد على أن كل مدرسة تطبّق منهاجا اسمه المواطنة الفاعلة والمستنيرة، لأن المدرسة كانت وستبقى مكانا يعيش فيه الطالب. “فمن المهم أن يعتاد على أنه في هذا المجتمع الصغير أنت مواطن صغير، ونقدم له مفهوم الحقوق والواجبات والتعددية والرأي – والرأي الآخر والحفاظ على المال العام والحق العام والفضاء العام، والنظافة والتعبير الحضاري، كل ذلك ينبغي أن يكون جزءا من الحياة المدرسية.”

وطبّقت المدارس الفلسطينية هذا العام مفهوم الانتخابات وتوعية الطلاب بشأن وضع قائمة وكيفية الترشح، وكيفية تقديم القضية للناس، بطريقة لطيفة ومناسبة للعمر.

كمثال آخر، طبّقت المدارس برنامجين وهما “المسارات البيئية” و “مواسم” – الفكرة وراء “مواسم” هي أن السلامة الجسدية والعقلية والروحية والعاطفية للطالب مترابطة، ومن أهم مكوّنات الترابط مع النطاق والبيئة المحيطة.

وقال: “نريد أن يعرف الطالب متى يكون موسم الزيتون، فنقدم محاضرات عن موسم الزيتون ونعرض أفلاما خلال هذا الموسم، ونعرض تاريخه ورمزيته في فلسطين.”

وجرى تغيير أجندة المدارس لتسمح بإعطاء عطلة للطالب للمشاركة في موسم الزيتون.

كما تطرقت المدارس إلى مسألة الاستكشاف العلمي، مع إشراك الطلاب في مخيمات العلوم وربطهم مع العلماء في الشتات.

“أحضرنا كبار العلماء ممن لم يتمكنوا من الوصول إلى البلاد لكن بإمكانهم العودة عودة افتراضية للتحدث مع الطلاب” حول الطاقة والمرّيخ.

اترك تعليقا