قال مبعوث الأمين العام الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إن طرفي الصراع في اليمن يتحملان مسؤولية إيجاد الحلول التي تصب في مصلحة الشعب اليمني والسعي في كل سبيل لتحقيق السلام.
وأعرب عن أسفه لعدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله إلى اتفاق لتمديد الهدنة وتوسيعها في 2 أكتوبر، مشيرا إلى أن الهدنة مثلت فرصة تاريخية حقيقية لبناء الثقة والعمل نحو إيجاد تسوية سلمية للنزاع.
وقدم هانس غروندبرغ إحاطة- عبر دائرة تلفزيونية- إلى مجلس الأمن اليوم الخميس حذر فيها من مغبة أن يقود الفشل في تمديد الهدنة إلى حالة عدم اليقين في البلاد وزيادة مخاطر نشوب حرب.
وأعرب عن تقديره لموقف الحكومة اليمنية على “انخراطها الإيجابي” مع المقترح الذي قدمه، فيما أعرب عن أسفه إزاء المطالب الإضافية “التي لا يمكن تلبيتها” التي تقدمت بها جماعة أنصار الله.
ورحب مبعوث الأمين العام الخاص بممارسة الأطراف لضبط النفس منذ انتهاء الهدنة، مشيرا إلى أننا لم نشهد أي تصعيد عسكري كبير، فقط تبادل متقطع للمدفعية ونيران الأسلحة الخفيفة في مناطق الخطوط الأمامية في تعز ومأرب والحديدة والضالع.
وحث الطرفين على مواصلة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وأفاد المسؤول الأممي باستمرار الرحلات الجوية بين مطار صنعاء وعمان، معربا عن تقديره العميق للمملكة الأردنية لدعمها الثابت والتسهيلات التي قدمتها.
وبالمثل، استمرت سفن الوقود في دخول موانئ الحديدة بانتظام، داعيا الأطراف إلى التمسك بالترتيبات التي سارت في ظل الهدنة وصونها، مؤكدا أن هذه الترتيبات جلبت منافع حيوية للشعب اليمني.
منذ انتهاء الهدنة، قال المبعوث الأممي إنه واصل جهوده الدؤوبة لإشراك الأطراف وكذلك الشركاء الإقليميين والدوليين بشأن خيارات تجديد الهدنة، مشيرا إلى أنه عاد لتوه من أبو ظبي ومسقط حيث أجرى مناقشات مهمة لاستكشاف سبل المضي قدما بالتنسيق الوثيق مع جيران اليمن.
وأعرب عن اعتقاده بأنه لا تزال هناك إمكانية للأطراف للتوصل إلى اتفاق، مشددا على ضرورة عدم فقدان هذه الفرصة.
ودعا الأطراف إلى ضرورة إظهار القيادة والتوافق والمرونة المطلوبة للتوصل على وجه السرعة إلى اتفاق بشأن تجديد الهدنة وتوسيعها.
وقال هانس غروندبرغ إن المقترح الذي قدمه للطرفين تناول المطالب الرئيسية المتنافسة لكلا الجانبين بطريقة متوازنة:
أولا، استمرار وقف جميع العمليات الهجومية وتعزيز لجنة التنسيق العسكري باعتبارها وسيلة اتصال وتنسيق قويين لخفض التصعيد،
ثانيا، آلية صرف شفافة وفعالة لدفع رواتب ومعاشات موظفي الخدمة المدنية بانتظام،
ثالثا، الفتح المرحلي للطرق في تعز والمحافظات الأخرى،
رابعا، زيادة عدد الرحلات والوجهات من وإلى مطار صنعاء الدولي،
خامسا، التدفق المنتظم ومن دون عوائق للوقود إلى موانئ الحديدة،
سادسا، الالتزام بالإفراج العاجل عن المعتقلين،
سابعا، إنشاء هياكل لبدء المفاوضات بشأن القضايا الاقتصادية، ووقف دائم لإطلاق النار، والأهم من ذلك استئناف عملية سياسية شاملة- بقيادة يمنية- للعمل من أجل حل شامل للصراع.
ودعا مبعوث الأمين العام إلى ضرورة عدم الاستهانة بإنجازات الهدنة وفوائدها. وكانت الهدنة قد دخلت حيز التنفيذ بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الصراع وجلبت أطول فترة هدوء حتى الآن.
وشملت فوائد الهدنة- التي استمرت لمدة ستة أشهر- ما يلي:
أولا، عدم القيام بعمليات عسكرية كبيرة وانخفاض الخسائر في الأرواح بنسبة 60 في المائة،
ثانيا، إعادة فتح مطار صنعاء بعدد 56 رحلة تجارية ذهابا وإيابا حتى الآن نقلت ما يقرب من 27 ألف مسافر سعوا للحصول على رعاية طبية أو فرص تعليمية أو تجارية في الخارج،
ثالثا، تسليم أكثر من 1.4 مليون طن متري من منتجات الوقود إلى موانئ الحديدة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف كمية منتجات الوقود التي دخلت في عام 2021،
رابعا، عقد اجتماعات مباشرة بين الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة حول التهدئة العسكرية وفتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى.
متحدثة من محافظة الحديدة- عبر دائرة تلفزيونية- قالت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إنها أمضت الأيام الستة الماضية في اليمن، حيث زارت كلا من عدن ومأرب وصنعاء والحديدة.
وقالت إنها التقت بالعشرات من الأشخاص الذين أخبروها عن حياتهم: “النساء اللواتي يخشين على سلامتهن سواء داخل المنزل أو خارجه. النازحون الذين لم تتحقق رغبتهم في العودة إلى ديارهم – عاما بعد عام”.
وأشارت إلى أنها رأت خلال هذه الرحلة الفوضى التي ألحقها هذا الصراع بالمدنيين في اليمن، مناشدة الأطراف تجنب أي تصعيد في العنف والانخراط مع المبعوث الخاص للاتفاق على هدنة موسعة.
ورغم عدم اندلاع أي صراع جديد منذ انتهاء الهدنة، إلا أن المدنيين لا يزالون يواجهون مخاطر رهيبة تتمثل في الألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات التي تشكل السبب الرئيسي لسقوط ضحايا من المدنيين.
في أيلول/سبتمبر، أفادت تقارير بمقتل أو جرح 70 مدنيا بسبب الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة.
وقال السيدة مسويا إن آثار هذه المخاطر تتجاوز القتل والتشويه – “إنها تحول الأنشطة اليومية البسيطة، مثل الزراعة أو صيد الأسماك أو المشي إلى المدرسة، إلى سيناريوهات محتملة للحياة أو الموت”.
وشددت على الحاجة إلى إجراءات عاجلة للحد من هذا التهديد، بما في ذلك زيادة الدعم لمشاريع إزالة الألغام وتسهيل استيراد المعدات.
وأشارت إلى أن الحديدة هي المحافظة الأكثر تضررا من الألغام الأرضية ومخاطر المتفجرات.
“هذا الصباح، التقيت يوسف وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما فقد كلتا ساقيه بعد أن وطأ لغما أرضيا قبل بضعة أسابيع. تعين عليه السفر لمدة ساعتين كاملتين للوصول إلى المستشفى، والآن – مثل العديد من الناجين الآخرين – سيحتاج إلى الدعم والمساعدة مدى الحياة”.
وقالت مسويا إن المدنيين يواجهون العديد من المخاطر التي تتجاوز التأثير المباشر للنزاع، مشيرة إلى أن تدهور اقتصاد البلاد وانهيار الخدمات الأساسية هما المحركان الرئيسيان لاحتياجات الناس.
وقالت إنها شاهدت- على مدار الأيام الستة الماضية- تأثير هذه الاتجاهات بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الأسواق بها طعام وسلع أساسية، “ولكن بأسعار لا يستطيع معظم الناس تحملها. زرت المستشفيات والمدارس التي تفتقر إلى المعدات الأساسية، والتقيت بالأطباء والمعلمين الذين لا يتقاضون رواتب كافية – هذا إن وجد.
“في مأرب، قابلت أمل، وهي أم لأربعة أطفال، فقدت دخلها وممتلكاتها عندما أجبرت عائلتها على الفرار من منطقة صرواح. وهي تعتمد الآن- كليا- على المساعدة الإنسانية، لكنها تريد فرصة للعمل كي تتمكن من إعالة أسرتها وإرسال أطفالها إلى المدرسة”.
يبذل العاملون في المجال الإنساني قصارى جهدهم لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا، لكن لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا ولا يمكننا استبدال أدوار الآخرين، هذا ما أكدته السيدة جويس مسويا، مشيرة إلى أن هناك حاجة إلى دعم كبير من الجهات المانحة والجهات الإنمائية الفاعلة والمؤسسات المالية الدولية
وشددت على أهمية الحفاظ على استمرار تدفق الواردات التجارية، مشيرة إلى تلقي مساهمات إضافية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما يحول دون إغلاق آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش ويضمن استمرار تشغيلها دون انقطاع للأشهر المقبلة.