أشادت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، بما وصفته بـ “التحركات الإيجابية” الأخيرة في المنطقة لبناء الجسور. وقالت خلال المناقشة العامة للدورة الـ 77 للجمعية العامة إن ذلك يُعد مثالا بارزا على طيّ خلافات الماضي، وبناء شراكات جديدة قوامها التعاون في شتى المجالات ودعم القطاعات الهامة كالتعليم والصحة والصناعة، وتعزيز دور المرأة.
وشددت المسؤولة الإماراتية في خطابها أمام الجمعية العامة على أنه في ظل تزايد التحديات الجسيمة، ينبغي إعادة الثقة بالنظام الدولي وبشرعية مؤسساته، “ما نراه من استقطاب متزايد يخيم على النظام الدولي إثر ارتفاع وتيرة الأزمات وظهور بؤر جديدة للنزاعات حول العالم، يصاحبها تصاعد خطر لأنشطة الجماعات المسلحة، في الوقت الذي تعصف فيه أزمات الغذاء والمناخ بشعوب العالم.”
وأوضحت أن ذلك يهدد بتقويض مكتسبات الحضارة الإنسانية، علاوة على وقع هذه التهديدات على الدول الفقيرة والنامية وقدرتها على تلبية احتياجات مواطنيها.
ودعت السيدة ريم الهاشمي إلى بذل الجهود لتجاوز “حالة الخمول” التي باتت السمة الأبرز للنهج الدولي الراهن في التعامل مع الأزمات والانتقال نحو إيجاد حلول دائمة وشاملة وعادلة للنزاعات المسلحة المتصاعدة حول العالم، ومعالجة التداعيات الناجمة عن الاضطرابات في المشهد الدولي.
قالت: “في حين كان للعالم العربي والقارّة الأفريقية خلال العقود الماضية حصة الأسد من تلك الأزمات، إلا أن ذلك علّمنا دروسا صعبة ومهمة حول ضرورة تغليب الحلول الدبلوماسية والحوار وخفض التصعيد، وأهمية تدارك التوترات، لتفادي ظهور بؤر جديدة للصراعات ولمكافحة التيارات المتطرفة.”
وأكملت: “نؤكد هنا على موقفنا الثابت والداعي لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا للمرجعيات الدولية المتفق عليها، ونرحب بما جاء في بيان رئيس وزراء دولة إسرائيل من على هذا المنبر بشأن دعم رؤية حل الدولتين.”
وأضافت أنه مع مرور عامين على الاتفاق الإبراهيمي للسلام “وما رافقه هذا العام من مبادرات لتعزيز التكامل الإقليمي وتطوير التعاون في مجالات التنمية والاقتصاد في منطقتنا، فإننا نشهد اليوم نشأة مجتمع من أجل التقدم في منطقة الشرق الأوسط” سيشكل دعامة للعمل المشترك حول الأولويات العالمية الكبرى.
جددت دولة الإمارات العربية مطالبتها بإنهاء احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
وفي خطابها الذي ألقته يوم السبت خلال المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة، قالت السيدة ريم الهاشمي إن إيران لم تستجب لدعوات بلادها “الصادقة لحل النزاع بالطرق السلمية على امتداد العقود الخمسة الماضية.”
وقالت ريم الهاشمي في كلمتها أمام الجمعية العامة إن الفترة الأخيرة شهدت زيادة في تدفق الأسلحة لمناطق النزاعات والزجّ بأفراد من خلفيات متعددة في أتونها.
وأوضحت بالقول: “يزداد الوضع خطورة مع استخدام الإرهابيين للصواريخ والطائرات المسيرة لشن هجمات عابرة للحدود. إذ تعكس هذه التطورات الطبيعة المتحورة للإرهاب.”
وشددت على الحاجة إلى الحيلولة دون أن تصبح مناطق النزاعات ملاذا آمنا للإرهابيين. وحثت على السعي لتحديث الاستراتيجيات باستمرار واعتماد قواعد وأنظمة دولية تمنع الإرهابيين من الحصول على الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا المتقدمة.
وقالت: “برز هذا التهديد في أوضح تجلياته من خلال الهجمات العدوانية الآثمة التي شنتها جماعة الحوثي الإرهابية مطلع هذا العام على عاصمة بلادي، أبو ظبي، وكذلك على المملكة العربية السعودية الشقيقة.”
وأكدت على طائفة من المسائل التي ينبغي التركيز عليها في الفترة المقبلة؛ من بينها الحاجة إلى احترام القانون الدولي، لا سيّما ميثاق الأمم المتحدة وأن يتم تطبيقه باتساق وبدون معايير مزدوجة أو انتقائية.
وأشارت إلى أن حماية السلم والأمن الدوليين تتطلب العمل على الوصول لعالم خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية، وتعزيز الحوار لخفض التوترات ومعالجة الشواغل الإقليمية والدولية بهذا الشأن.
وقالت: “لا يمكن الحديث عن نظام دولي آمن ومستقر في ظل غياب موقف دولي حازم يرفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره ويلتزم بمحاسبة مرتكبيه ومموليه.”
ودعت إلى الإقرار بضرورة العمل المشترك وتسخير “كل ما نملكه من إمكانيات وطاقات لتطبيق حلول واستجابات شاملة ترقى لمستوى التحديات التي نواجهها اليوم، والتي لا تقتصر على دولة أو منطقة بعينها.”
وقالت إن مصير الكوكب على المحك، ويفرض ذلك “علينا بناء الشراكات لتعزيز العمل المشترك، كما يتطلب ذلك مبدئيا التزامنا جميعا بدعم العمل المناخي عبر تبني أجندة الطاقة المتجددة وتوفير التمويل الكافي للعمل المناخي، ودعم الدول النامية لبناء قدرة مجتمعاتها على الصمود.”
وأكدت أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يعني الاستثمار في الاقتصاد والسلم والأمن الدوليين ومستقبل الأجيال القادمة.
وأشارت إلى ضرورة انتهاز الفرصة المتاحة لاستنباط حلول عملية ومنطقية ومدروسة لأزمة المناخ، بما في ذلك خلال مؤتمر الأطراف COP27، المزمع عقده في مصر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وتستعد الإمارات العربية لاستضافة مؤتمر الأطراف COP28 العام المقبل، وتعمل على بناء الشراكات وضمان الشمولية والتركيز على المجالات التي ستحقق نتائج هادفة للتصدي لهذه الظاهرة.
الجدير بالذكر بأن الإمارات أطلقت مع الولايات الأميركية المتحدة مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ والتي تسعى إلى تحسين الإنتاج الغذائي وتخفف مستويات الجوع حول العالم.
وأكدت ريم الهاشمي في ختام كلمتها على مواصلة الإمارات مسارها، سواء على الصعيد الإنساني أو الدبلوماسي أو التنموي في دعم الشعوب المتضررة من الأزمات والكوارث دون أي اعتبارات دينية أو عرقية أو سياسية أو ثقافية.
“سنواظب على العمل مع كافة الأصدقاء والشركاء لبناء قدرات وكفاءات الحكومات والشعوب في مختلف المجالات لتحقيق الخير للعالم أجمع، وسيظل ذلك المسار نبراسا لجهودنا في كافة المحافل.”