المخاطر “كالزلازل والفيضانات وموجات الحر وحرائق الغابات” يمكن منعها من أن تصبح كوارث تهدد الحياة. هذا ما أشار إليه تقرير صدر يوم الأربعاء عن الأمم المتحدة.
فمن موجات الحر التي بلغت مستويات قياسية في كولومبيا البريطانية، إلى حرائق الغابات في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والفيضانات في نيجيريا، والجفاف في تايوان؛ شهدت الفترة بين عامي 2021 و 2022 تحطيما كارثيا للأرقام القياسية للكوارث في جميع أنحاء العالم.
هناك حوالي 10,000 شخص فقدوا حياتهم، وقُدّرت الأضرار بنحو 280 مليار دولار في جميع أنحاء العالم.
حيث وجد أحدث تقرير عن مخاطر الكوارث المترابطة، الصادر عن معهد جامعة الأمم المتحدة للبيئة والأمن البشري (UNU-EHS)، أن كوارث عديدة تشترك في الأسباب الجذرية لوقوعها. وفي الوقت نفسه، وجد معدّو الدراسة أن الحلول لمنعها أو إدارتها مرتبطة أيضا ارتباطا وثيقا.
تقول الدكتورة زيتا سيبيسفاري، نائبة مدير معهد البيئة والأمن البشري والمعدّة الرئيسية للتقرير.”إن الكوارث التي تحدث في أجزاء مختلفة تماما من العالم في البداية تظهر وكأنها منفصلة عن بعضها البعض. ولكن عندما تبدأ بتحليلها بمزيد من التفصيل، يتضح سريعا أنها ناتجة عن نفس الأشياء، فعلى سبيل المثال، انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو الاستهلاك غير المستدام”.
ومن أجل ربط النقاط ببعضها البعض، سبر فريق البحث في تقرير مخاطر الكوارث المترابطة غور كل كارثة وحدد الدوافع التي سمحت بحدوثها في المقام الأول.
فمثلا، تؤدي إزالة الغابات إلى تآكل التربة، والذي بدوره يجعل الأرض شديدة التعرض للمخاطر كالانهيارات الأرضية والجفاف والعواصف الرملية.
ويظهر التعمّق أكثر أن دوافع الكوارث تتشكل من أسباب جذرية مشتركة أكثر منهجية بطبيعتها، كما يظهر من خلال النظم الاقتصادية والسياسية.
يمكن إرجاع إزالة الغابات إلى تغليب المصالح الاقتصادية على مصالح البيئة وإلى أنماط الاستهلاك غير المستدامة.
وتشمل الأسباب الجذرية الشائعة الأخرى الموجودة في التقرير: عدم المساواة في التنمية وفرص كسب العيش، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان، وموروثات الاستعمار. إنها الأسباب الجذرية مثل تلك التي نجدها في الكوارث التي تحدث في جميع أنحاء العالم.
ولا يتوقف الترابط فقط عند الأسباب الجذرية والدوافع، ولكن أيضا مع من وما هو الأكثر عرضة للخطر؛ فلا تزال المجموعات المعرضة للخطر، في كل من المستوطنات البشرية والنظم الإيكولوجية الطبيعية، هي الأكثر تضررا من الكوارث.
على أية حال، فإن الحلول مترابطة أيضا، ما يعني أنه يمكن تطبيق نوع واحد من الحلول في عدة سياقات للحد من تأثير الكوارث في أجزاء مختلفة من العالم. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الحلول لمعالجة كارثة واحدة وتكون أقوى عند تطبيقها مع بعضها البعض.
على سبيل المثال، يعتمد حل “ترك الطبيعة تقوم بعملها” على قوة الطبيعة لمنع المخاطر وتجنب الكوارث.
إشعال الحرائق المخطط لها في الغابات يمكن أن يقلل من مخاطر الحرائق الضخمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط؛ ويمكن لترميم الأنهار والجداول الحضرية أن يقلل من آثار الفيضانات مثل تلك التي ضربت نيويورك في أعقاب إعصار إيدا؛ كما أن الاستثمار في تقوية أنظمة الإنذار المبكر يمكن أن يحسن التنبؤ بالمخاطر والإبلاغ عنها في وقت مبكر.
وتوصل التقرير إلى أن أنظمة الإنذار المبكر كان من الممكن ان تقلل من الوفيات التي وقعت في الأحداث الثلاثة التي تم تحليلها في التقرير – موجة الحر في كولومبيا البريطانية، وبركان وتسونامي تونغا، وفيضانات لاغوس في نيجيريا.
ويقول المعدّ الرئيسي الدكتور جاك أوكونور: “إذا لم نرغب في أن تصبح الكوارث التي نمر بها حاليا وضعا طبيعيا جديدا، فيجب علينا إدراك أنها مترابطة، هي وكذلك حلولها”.
وأضاف يقول: “لدينا الأنماط الصحيحة من الحلول لمنع المخاطر وإدارتها على نحو أفضل، لكننا بحاجة إلى الاستثمار بشكل عاجل في توسيع نطاقها وتطوير فهم أفضل لكيفية عملها مع بعضها البعض”.
لن تكون جميع الحلول ملائمة للجميع. إن إعادة توزيع الموارد بين الأجيال والبلدان ومجموعات الأشخاص الذين يعانون من مواطن ضعف مختلفة، أو طلب إدراج أصحاب المصلحة الذين نادرا ما يتم سماعهم، سيعني أن البعض سيحتاج إلى مشاركة الموارد على نطاق أوسع من المعمول به حاليا.
ولا تقتصر الحلول على الحكومات أو صانعي السياسات أو القطاع الخاص. يحث الباحثون على إمكانية إجرائها على المستوى الفردي.
يمكننا أن ندع الطبيعة تعمل عندما نعيد إليها الحيّز. ويمكننا تعزيز الاستهلاك المستدام من خلال الانتباه إلى مصدر طعامنا وأين نشتريه.
ويضيف الدكتور أوكونور: “يمكننا العمل معا لإعداد مجتمعاتنا في حالة وقوع كارثة. النقطة المهمة هي أننا، كأفراد، جزء من عمل جماعي أكبر، والذي يقطع شوطا طويلا في إحداث تغيير إيجابي ذي مغزى. فكلنا جميعا جزء من الحل”.