تحتفي منظمة الصحة العالمية باليوم العالمي للوقاية من الغرق — الذي أعلنته الجمعية العامة قي قرارها 75/273 29 نيسان/أبريل 2021 — ، سنويًا في 25 تموز/يوليه.
وتُعد هذه الفعالية العالمية فرصة لتسليط الضوء على التأثير المأساوي والعميق للغرق على العائلات والمجتمعات ولتقديم حلول للوقاية منه.
جميع أصحاب المصلحة — الحكومات ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والأفراد — مدعوون للاحتفال باليوم العالمي للوقاية من الغرق من خلال تسليط الضوء على الحاجة إلى إجراءات عاجلة ومنسقة ومتعددة القطاعات بشأن تدابير مجربة مثل:
تركيب حواجز للتحكم في الوصول إلى المياه؛
إتاحة أماكن مأمونة بعيدة عن المياه مثل دور الحضانة للأطفال في سن ما قبل المدرسة؛
تعليم السباحة والسلامة المائية ومهارات الإنقاذ المأمونة؛
تدريب المارة على مهارات الإنقاذ المأمون والإنعاش؛
وضع لوائح في ما يتصل بالقوارب والشحن والعبارات وفرض تلك اللوائح؛
تحسين إدارة مخاطر الفيضانات.
ودعا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الجديد منظمة الصحة العالمية إلى تنسيق الإجراءات الخاصة بالوقاية من الغرق داخل منظومة الأمم المتحدة. وبهذه الصفة، تقود منظمة الصحة العالمية جهود الاستعدادات لليوم العالمي للوقاية من الغرق من خلال إنتاج مواد تثقيفية الدعوة ذات الصلة ، واستضافة فعالية عالمية لتدشين الأنشطة الوطنية والمحلية ودعمها في البلدان والمجتمعات حول العالم.
شهد عام 2012 وفاة نحو 372000 نسمة بسبب الغرق، ممّا يجعل الغرق من المشكلات الصحية العمومية الرئيسية في جميع أنحاء العالم. وتقف الإصابات وراء وقوع نحو 9% من مجموع الوفيات التي تُسجّل على الصعيد العالمي. أمّا الغرق فيمثّل ثالث أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة، حيث يقف وراء حدوث 7% من مجموع تلك الوفيات.
ومن الملاحظ أنّ جميع الاقتصادات والأقاليم معنية بالأعباء والوفيات العالمية الناجمة عن الغرق. غير أنّ:
البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل تشهد وقوع 91% من الوفيات غير المتعمّدة المرتبطة بالغرق؛
تحدث أكثر من نصف من حالات الغرق المُسجّلة في العالم في إقليمي منظمة الصحة العالمية لغرب المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا؛
تبلغ معدلات وفيات الغرق أعلى مستوياتها في إقليم منظمة الصحة العالمية لأفريقيا، وتتجاوز ب 10-13 مرة المعدلات ذات الصلة المُسجّلة في المملكة المتحدة والمانيا على التوالي؛
وعلى الرغم من محدودية البيانات، فإنّ عدة دراسات تكشف عن معلومات بخصوص التكاليف الناجمة عن الغرق. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تحدث 45% من وفيات الغرق بين أكثر الشرائح السكانية نشاطاً من الناحية الاقتصادية. وتتسبّب حالات الغرق الساحلية وحدها، في الولايات المتحدة، في تكبّد 273 مليون دولار أمريكي كل عام في شكل تكاليف مباشرة وغير مباشرة. أمّا في أستراليا وكندا، فإنّ التكاليف السنوية الإجمالية الناجمة عن الإصابات المرتبطة بالغرق تناهز 85.5 مليون دولار أمريكي و173 مليون دولار أمريكي على التوالي.
وهناك مجال واسع للشكّ فيما يخص التقديرات المتعلقة بوفيات الغرق. تستبعد الأساليب الرسمية لتصنيف البيانات المتعلقة بالغرق الوفيات الناجمة عن الغرق على الصعيد الدولي (الانتحار أو القتل) وتلك الناجمة عنه بسبب كوارث الفيضانات وحوادث النقل المائي. وتشير البيانات المستمدة من بلدان مرتفعة الدخل إلى أن أساليب التصنيف تلك تتسبب في تدن كبير دون المستوى المطلوب في تمثيل إجمالي الوفيات الناجمة عن الغرق بنسبة تصل إلى 50٪ في بعض البلدان المرتفعة الدخل. كما أنّ الإحصاءات الخاصة بحالات الغرق غير المميتة في كثير من البلدان ليست متاحة بسهولة أو أنّها غير موثوقة.
السن من عوامل الاختطار الرئيسية المرتبطة بالغرق. وكثيراً ما يتم الربط بين هذا العامل وبين هفوات المراقبة. تقع أعلى معدلات الغرق في العالم بين صفوف الأطفال من الفئة العمرية التي تتراوح بين عام واحد و4 أعوام، تليها فئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و9 أعوام. ويودي الغرق في إقليم غرب المحيط الهادئ التابع للمنظمة بحياة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً أكثر بكثير من أي سبب آخر يحصد أرواحهم.
وتكشف الإحصاءات الواردة من عدد من البلدان بشأن غرق الأطفال عن عدة أمور منها، خصوصاً، ما يلي:
الغرق واحد من خمسة أسباب رئيسية لوفاة من تتراوح أعمارهم بين عام واحد و14 عاماً في 48 بلداً من أصل 85 بلداً تستوفي معايير إدراج البيانات المتعلقة بالوفيات*.
أستراليا: يمثّل الغرق أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة التي يتعرّض لها الأطفال من الفئة العمرية 1-3 سنوات.
بنغلاديش: يقف الغرق وراء حدوث 43% من مجموع وفيات الأطفال من الفئة العمرية 1-4 سنوات.
الصين: يمثّل الغرق أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات التي يتعرّض لها الأطفال من الفئة العمرية 1-14 سنة.
الولايات المتحدة: يمثّل الغرق ثاني أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة التي يتعرّض لها الأطفال من الفئة العمرية 1-14 سنة.
يتعرّض الذكور، بشكل خاص، لمخاطر الغرق، حيث يتجاوز المعدل الإجمالي لوفيات الغرق المُسجّلة بينهم معدل وفيات الإناث بنسبة الضعف. كما أنّ احتمال دخول الذكور المستشفى بسبب الغرق غير المميت يتجاوز احتمال دخول الإناث للسبب نفسه. وتشير الدراسات إلى أنّ ارتفاع معدلات الغرق بين الذكور مردّه زيادة تعرّضهم لمخاطر المياه وانتهاجهم سلوكيات أكثر اختطاراً، مثل السباحة بمفردهم وتعاطي الكحول قبل السباحة بمفردهم وركوب السُفن.
زيادة فرص الوصول إلى المياه من عوامل الاختطار الأخرى المؤدية إلى الغرق. ويُعد الأفراد الذين يمارسون مهناً مثل صيد الأسماك لأغراض التجارة أو الكفاف، ويستخدمون قوارب صغيرة في البلدان المنخفضة الدخل، أكثر عرضة لخطر الغرق. ومن الفئات المعرّضة للغرق بوجه خاص الأطفال الذين يعيشون قرب مصادر الماء المكشوفة، مثل الخنادق أو البرك أو قنوات الريّ أو أحواض السباحة.
يستأثر الغرق بنسبة 75٪ من الوفيات الناجمة عن كوارث الفيضانات التي زاد تواتر وقوعها، ويُتوقع أن تستمر في اتجاهها المختط هذا. وترتفع مخاطر الغرق من جراء الفيضانات في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسط الدخل تحديداً حيث يعيش الناس في مناطق معرضة للفيضانات تكون فيها القدرة على تحذير المجتمعات السكانية أو إخلائها أو حمايتها من الفيضانات قدرات ضعيفة أو في طور النمو ليس إلا.
غالباً ما يقوم المهاجرون أو طالبو اللجوء بتنقلات ورحلات يومية على متن قوارب مكتظة وغير آمنة تنقصها معدات السلامة أو يشغّلها طاقم أفراد غير مدرب على التعامل مع حوادث النقل المائي أو الملاحة. ويمثل طاقم الأفراد الواقعين تحت تأثير الكحول أو المخدّرات خطراً داهماً أيضاً في هذا المضمار.
هناك عوامل أخرى لها علاقة بزيادة مخاطر الغرق ومنها:
تدني المركز الاجتماعي الاقتصادي والانتماء إلى أقلية عرقية وتدني المستوى التعليمي والعيش في الأرياف جميعها تميل الى الإرتباط ولكن هذا الإرتباط يمكن ان يختلف بين الدول؛
عدم مراقبة الرضّع وتركهم لوحدهم مع أطفال آخرين في أحواض الاستحمام؛
تعاطي الكحول قرب المياه أو داخلها؛
المعاناة من حالات مرضية، مثل الصرع؛
عدم اعتياد السائحين على مخاطر المياه المحلية وخصائصها؛
يوجد العديد من إجراءات الوقاية من الغرق. فتركيب الحواجز (لتغطية الآبار مثلاً واستخدام حواجز المداخل وأقفاص لعب الأطفال في رياض الأطفال وتسييج المسابح وما إلى ذلك) للتحكم في الوصول إلى المياه درءً لأخطارها أو التخلص من مخاطرها بالكامل، يقلّل بشكل كبير من خطر التعرض للمياه ومخاطرها. ويمكن أن تؤدي الرعاية المجتمعية المقترنة بالمراقبة المقدمة للأطفال قبل بلوغهم سن الالتحاق بالمدارس إلى تقليل خطر التعرض للغرق وتحقيق فوائد صحية مجرّبة أخرى. وثمة نهج آخر هو تعليم الأطفال رياضة السباحة الأساسية في سن الدراسة والحفاظ على السلامة في المياه ومهارات الإنقاذ الآمن، على أن بذل هذه الجهود يجب أن يقترن بتركيز شديد على جانب السلامة ووجود نظام لإدارة المخاطر بشكل شامل يتضمن مناهج لاختبار السلامة ومنطقة تدريب آمنة وعملية لفرز الطلبة واختيارهم وتحديد نسب الطلبة إلى المدربين لأغراض تحقيق السلامة.
ورسم السياسات وسن التشريعات الفعالة من النهوج المهمة أيضاً للوقاية من الغرق. وتشكل عملية وضع وإنفاذ اللوائح المتعلقة بالركوب الآمن للقوارب والسفن والعبّارات جزءاً هاماً من تحسين السلامة في المياه والوقاية من الغرق. وبالإمكان الوقاية من الغرق أثناء وقوع كوارث الفيضانات بفضل بناء القدرات اللازمة لمواجهة الفيضانات وإدارة مخاطرها من خلال تحسين التخطيط للتأهب لمواجهة الكوارث وتخطيط استخدام الأراضي وإنشاء نظم للإنذار المبكر بوقوع الكوارث. ويمكن أن يفضي وضع استراتيجية وطنية بشأن السلامة في المياه إلى زيادة الوعي بالسلامة في المياه والتوصل إلى توافق في الآراء حول إيجاد الحلول اللازمة وتوفير الإرشاد الاستراتيجي ووضع إطار لتوجيه العمل المتعدد القطاعات وإفساح المجال أمام رصد الجهود المبذولة وتقييمها.