قال الأمين العام للأمم المتحدة إن استئناف روسيا لمشاركتها في مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب والاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي يمثلان دليلين على نجاعة تعددية الأطراف وقيمة الدبلوماسية السرية – ولكن الحازمة.
حاملا معه أخبارا سارة مفعمة بالأمل في عالم يسوده الاضطراب، عقد الأمين العام، أنطونيو غوتيريش مؤتمر صحفيا صباح يوم الخميس في مقر الأمم المتحدة بنيويورك شدد فيه على ضرورة ألا نتخلى أبدا عن قضية السلام والنهوض بقيم الأمم المتحدة.
وأعرب السيد غوتيريش عن سعادته إزاء تحقيق مبادرة الحبوب إنجازا جديدا: “اعتبارا من اليوم، تم شحن عشرة ملايين طن متري من الحبوب عبر ممر البحر الأسود. لقد استغرق الأمر ثلاثة أشهر فقط للوصول إلى هذا الإنجاز”.
وأكد أن مبادرة حبوب البحر الأسود تحدث فرقا، فعلى الرغم من كل “العقبات التي رأيناها، لا تزال منارة الأمل في البحر الأسود متوهجة”.
وأعرب الأمين العام عن شكره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة تركيا على مساهمتهما الحاسمة، قائلا إن المبادرة تعمل الآن، وتقع على عاتقنا مسؤولية جماعية في أن نبقيها تعمل “من أجل وقف أزمة الغذاء وتخفيف الأسعار والضغوط على الناس حول العالم. ومن أجل الحد من مخاطر الجوع والفقر وعدم الاستقرار”.
الآن وبعد استئناف المبادرة بشكل كامل، ناشد الأمين العام جميع الأطراف تركيز الجهود في مجالين:
أولا، تجديد مبادرة البحر الأسود وتنفيذها الكامل.
ثانيا، إزالة العوائق المتبقية أمام صادرات المواد الغذائية والأسمدة الروسية.
وأعرب عن كامل التزامه – إلى جانب منظومة الأمم المتحدة بأسرها – بتحقيق هذين الهدفين الأساسيين.
وقال إن العالم بحاجة إلى ملاحة آمنة وبلا عوائق لصادرات الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة من أوكرانيا عبر البحر الأسود، ويحتاج العالم إلى جهود متضافرة للتصدي بشكل عاجل لأزمة سوق الأسمدة العالمية والاستفادة الكاملة من قدرة التصدير الروسية.
“يؤثر نقص الأسمدة بالفعل على المزارعين في جميع أنحاء العالم. لا يمكننا السماح لنقص الأسمدة العالمي بأن يتحول إلى نقص غذائي عالمي”.
وفيما يتعلق بتوقيع اتفاق السلام بين حكومة إثيوبيا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أثنى الأمين العام على الجانبين، مشيدا بجهود فريق الاتحاد الأفريقي رفيع المستوى على عمله في تسهيل هذا الاتفاق.
وقال إن الاتفاق يعد خطوة أولى حاسمة تمهد الطريق لإيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة دون عوائق واستئناف الخدمات العامة، مشيرا إلى أن التكلفة البشرية لهذا الصراع مدمرة.
وحث جميع الإثيوبيين على اغتنام هذه الفرصة من أجل السلام، متعهدا بتقديم دعم الأمم المتحدة الكامل.
مع اقتراب موعد انعقاد قمة المناخ السابعة والعشرين في مدينة شرم الشيخ المصرية، أكد الأمين العام على ضرورة أن تكون القمة المكان المناسب لإعادة بناء الثقة وإعادة تأسيس الطموح اللازم لتجنب كوكبنا من الانزلاق نحو كارثة مناخية.
وأشار إلى التقارير الصادرة خلال الأسابيع الماضية والتي رسمت صورة قاتمة، حيث لا تزال انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تتزايد عند مستويات قياسية.
“بدلا من أن تنخفض بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030… إلا أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في طريقها للارتفاع بنسبة 10 في المائة. وفي الوقت نفسه، فإن درجات الحرارة في طريقها للارتفاع بما يصل إلى 2.8 درجة بحلول نهاية القرن”.
وهذا يعني، وفقا للأمين العام، أن كوكبنا في طريقه للوصول إلى نقاط تحول ستجعل الفوضى المناخية أمرا لا رجعة فيه.
وقال الأمين العام إن الوقت قد حان لعقد اتفاق تاريخي بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
“اتفاق تفي فيه البلدان المتقدمة بالالتزام الذي قطعته في باريس وتبذل جهدا إضافيا لتقليل الانبعاثات بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة. واتفاق تقدم بموجبه البلدان الأكثر ثراء المساعدة المالية والتقنية – إلى جانب الدعم من بنوك التنمية متعددة الأطراف وشركات التكنولوجيا – لمساعدة الاقتصادات الناشئة على تسريع تحولها إلى الطاقة المتجددة”.
وشدد على ضرورة أن يكون مؤتمر المناخ في مصر المكان المناسب لسد الفجوة في الطموح والمصداقية والتضامن.
“يجب أن يعيدنا إلى المسار الصحيح لخفض الانبعاثات، وتعزيز المرونة والتكيف مع المناخ، والوفاء بالوعود المتعلقة بتمويل المناخ، ومعالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ”.
وأوضح أن تحقيق نتائج ملموسة بشأن الخسائر والأضرار يمثل اختبارا أساسيا لالتزام الحكومات بالمساعدة في سد كل هذه الثغرات، داعيا العالم إلى أن يتحد في سبيل دعم البلدان النامية والمجتمعات الضعيفة.
وقال الأمين العام إنه يتطلع إلى إطلاق مبادرة جديدة خلال قمة شرم الشيخ بهدف ضمان حماية كل شخص على وجه الأرض بواسطة نظام إنذار مبكر في غضون خمس سنوات.
وشدد على ضرورة أن يضع مؤتمر المناخ في مصر الأسس لعمل مناخي أسرع وأكثر جرأة الآن وفي هذا العقد الحاسم.