الأمين العام: الهند موطن لسدس البشرية ودولة تتمتع بفرصة فريدة للدفاع عن قضايا دول الجنوب

أثنى الأمين العام للأمم المتحدة على الشراكة القوية بين الأمم المتحدة والهند، مشيرا إلى أن الهند لديها فرصة غير مسبوقة للتحدث حول المسائل التي تهمّ دول الجنوب، وأن تكون قيادتها مثالا يحتذى به، كنموذج للصمود والمناصرة من أجل التنمية المستدامة والعدالة المناخية.

خلال زيارته إلى الهند، ألقى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كلمة في “المعهد الهندي للتكنولوجيا” في مومباي، ركّز فيها على “فرصة الهند الفريدة” لتشكيل جدول الأعمال العالمي، بوصفها لاعبا رئيسيا ونموذجا يحتذى به للآخرين.

وقال: “باعتبارها موطنا لسدس البشرية ولأكبر جيل من الشباب في العالم، يمكن للهند إنجاح أو إفشال أجندة عام 2030 (أهـداف التنمية المستدامة).”

وأوضح أن نجاح الهند في ترجمة أهداف التنمية المستدامة إلى أفعال سيعني الفرق بين النجاح والفشل لما يصل إلى نصف أهداف التنمية المستدامة العالمية – وهو أكثر بكثير من أي بلد آخر.

تتزامن زيارة الأمين العام إلى الهند مع الذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال البلاد، حيث حققت الهند على مدار الأعوام الـ 75 الماضية إنجازات “كأكبر ديمقراطية في العالم والآن باعتبارها الاقتصاد الرئيسي الأسرع نموّا.”

تطرق السيد غوتيريش إلى التحديات العالمية المتزايدة، وقال: “لا تزال البلدان تعاني من تأثير جائحة كـوفيد-19 وتتعرض لضربة بسبب أزمات الطاقة والغذاء وتكلفة المعيشة التي تسارعت بسبب الحرب في أوكرانيا.”

وأضاف أن الصراعات القديمة والجديدة أدّت إلى نزوح أكثر من 100 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

وتابع يقول: “يصبح التأثير المدمر لاضطراب المناخ أكثر وضوحا كل شهر. لقد شعرتُ بهذا في جميع أنحاء الهند، من موجات الحرّ في مناطق زراعة الحبوب إلى الفيضانات في الولايات الشمالية الشرقية والساحلية.”

وحذر من تراجع بعض أهم أهداف التنمية المستدامة الأساسية، والتي باتت تسير إلى الوراء بدلا من المضيّ قدما. “يعاني المزيد من الناس اليوم من الجوع، وعدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر أكثر مما كان قبل بضع سنوات.”

وقال إن علاقة الأمم المتحدة مع الهند في مجال التنمية هي عبارة عن شراكة ذات اتجاهين: “من تبرعات (الهند) بالأدوية والمعدات واللقاحات في ذروة الجائحة، إلى مساعداتها الإنسانية وتمويل التنمية لأفغانستان وسري لانكا، يزيد تأثيرها على المسرح الدولي. الهند اليوم هي الشريك المفضّل للأمم المتحدة.”

وأشار إلى أن رئاسة الهند القادمة لمجموعة العشرين فرصة مهمة لعرض قيم ورؤية العالم النامي على قمة الاقتصاد العالمي.

وترأس إندونيسيا الآن مجموعة العشرين، تليها الهند ثم رئاسة البرازيل وبعدها جنوب أفريقيا، “مما يعني أنه لأول مرة في التاريخ، ستقود أربع دول نامية مجموعة العشرين.”

وأوضح أن هذه فرصة لا يمكن تفويتها في ظل العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية غير العادلة للغاية، “هناك فرصة لا يمكننا تفويتها لإجراء إصلاح عميق للمؤسسات والإجراءات واللوائح والقواعد للتأكد من أن لدينا اقتصادا عالميا للجميع، وليس فقط اقتصادا عالميا للأثرياء.”

أشار السيد غوتيريش إلى أن المهمة العالمية للمعهد الهندي للتكنولوجيا وتاريخه الطويل في تحويل التعليم يجعلان منه المكان الأمثل للحديث عن الشراكة القوية بين الهند والأمم المتحدة.

والهند من الدول المؤسِسة للأمم المتحدة. وقد استوحى واضعو ميثاق الأمم المتحدة بشكل كبير من رسالة غاندي للسلام واللاعنف والتسامح.

وبفضل سيدة هندية، هي هانسا ميهتا، تعترف المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالمساواة بين المرأة والرجل: “يولد جميع البشر أحرارا يتساوون في الكرامة والحقوق.”

وبصفتها عضوا مؤسِسا في حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ 77، لطالما كانت الهند من أبرز المدافعين عن اهتمامات وتطلعات البلدان النامية.

كما تُعدّ الهند أيضا أكبر مزوّد للأفراد العسكريين والشرطيين لبعثات الأمم المتحدة – بما في ذلك أول وحدة شرطة تابعة للأمم المتحدة مكوّنة بالكامل من النساء، في مهمة حفظ السلام.

وخدم أكثر من 200 ألف رجل وامرأة من الهند في 49 بعثة لحفظ السلام منذ عام 1948. وقال الأمين العام: “هذه مساهمة ملحوظة في السلام في العالم.”

تطرق السيد غوتيريش إلى بعض البرامج في الهند والتي اعتبرها عالية التأثير، وتشمل أكبر مخطط للحماية الاجتماعية القائمة على الغذاء في العالم والتوسع الهائل في الوصول إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.

ويجمع نهج التنمية الشامل للمجتمع الهندي بين التواصل المجتمعي القديم مع أحدث التقنيات.

وتابع يقول: “العديد من أنجح برامجكم ترتكز على بنية تحتية رقمية عامة عالية المستوى، وتعمل على مواءمة أكثر من مليار مستخدم للإنترنت عبر الهاتف المحمول مع مبادرات الشمول المالي والخدمات الصحية عبر الإنترنت والمزيد.”

واستضافت منظمة الصحة الرقمية في الهند (CoWIN) أكبر برنامج تطعيم في العالم لكوفيد-19، حيث قدمت أكثر من ملياري جرعة.

وقد رافقت الأمم المتحدة الهند في جميع مراحل التنمية هذه، من دعم برنامج الأغذية العالمي لنظام التوزيع العام في الهند إلى شراكة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع وزارة الصحة ورعاية الأسرة.

كما تظهر الهند نهجا عمليا وسخيا للتضامن العالمي والتعاون بين بلدان الجنوب. وكانت أول دولة تطلق إطارا فرديا لدعم التعاون بين بلدان الجنوب، عبر شراكة إطار عمل التنمية بين الأمم المتحدة والهند.

وتسعى مبادرة “نمط الحياة من أجل البيئة” التي سيطلقها رئيس الوزراء الهندي بحضور الأمين العام يوم غد الخميس إلى إنشاء نموذج يعتمد على الذات يحوّل عادات الاستهلاك لصالح الجميع – في الهند وحول العالم.

وأعلن المتحدث الرسمي أن الأمين العام سيجتمع مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي يوم غد الخميس.

بصفتها عضوا في مجلس الأمن خلال العامين الماضيين، ساهمت الهند بشكل كبير في تعزيز الحلول متعددة الأطراف والتصدي للأزمات. ورحب السيد غوتيريش بمبادرة الهند بشأن قدر أكبر من المساءلة لأولئك الذين يستهدفون قوات حفظ السلام.

وبصفتها عضوا منتخبا في مجلس حقوق الإنسان، قال السيد غوتيريش إن الهند تتحمّل مسؤولية تجسيد حقوق الإنسان العالمية، وحماية وتعزيز حقوق جميع الأفراد بما في ذلك الأقليات.

وقال: “لا يمكن لصوت الهند على المسرح العالمي أن يكتسب السلطة والمصداقية إلا من خلال الالتزام القوي بالشمولية واحترام حقوق الإنسان في البلاد.”

اترك تعليقا