الشمول الرقمي للشباب

مع اقترابنا من عام 2030، أصبح تطوير المهارات الرقمية أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للنجاح المهني. وتشمل هذه المهارات كفاءات عامة مثل إجراء بحوث على الإنترنت، والتواصل عبر الإنترنت بواسطة البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية، واستخدام المنصات المهنية عبر الإنترنت، ومعرفة الخدمات المالية الرقمية.​

وعلى الرغم من أن الشباب يعتبرون في كثير من الأحيان “مواطنين رقميين”، فقد لا يمتلك معظمهم في الواقع مهارات رقمية كافية مرتبطة بالوظائف ذات الصلة لشغل الوظائف الشاغرة. ووفقاً لدراسة استقصائية جرى تحليلها في تقرير الاتحاد المعنون “قياس التنمية الرقمية، حقائق وأرقام 2020″​ فإن أقل من 40% من الأفراد في 40% من البلدان المشمولة بالدراسة الاستقصائية قاموا بنشاط يتطلب مهارات رقمية أساسية في الأشهر الثلاثة الماضية.

وعلاوة على ذلك، يوجد في 15% فقط من البلدان أكثر من 10% من الأفراد الذين قاموا بكتابة برامج حاسوبية باستخدام لغة برمجة متخصصة في الأشهر الثلاثة الماضية. وفي مجتمعنا الرقمي المتزايد، لا يزال تدني مستوى المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يشكل حاجزاً أمام التوظيف.

ولكي يشارك الشباب بطريقة مجدية في المجتمع، يجب تزويدهم بالمهارات والفرص اللازمة للنهوض برؤيتهم لمستقبل موصول. وتسعى مبادرة “توصيل الجيل” الأوسع نطاقاً التي أطلقها الاتحاد إلى تمكين الشباب.

ولإقامة مجتمع رقمي أكثر شمولاً، يحث الاتحاد قادة الحكومات والقطاع الخاص والهيئات الأكاديمية وغيرهم من أصحاب المصلحة الرئيسيين على العمل لضمان تزويد الشباب بالمهارات الرقمية اللازمة للنجاح في سوق العمل والمجتمع المدني على السواء.

تظهر البيانات التي جمعتها اليونسكو بخصوص عام 2020 أن 40% من المدارس الابتدائية و66% من المدارس الثانوية في جميع أنحاء العالم كان لديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت في عام 2020. وفي أقل البلدان نمواً، كان لنسبة 28% من المدارس الابتدائية ونسبة 35% من المدارس الثانوية إمكانية النفاذ إلى الإنترنت. وتحققت توصيلية الإنترنت لنسبة 100% من المدارس الابتدائية في 42 بلداً من أصل 93 بلداً توفرت بشأنها بيانات. وتم تحقيق التوصيلية لجميع المدارس الثانوية في 50 بلداً (أتيحت البيانات من 94 بلداً فيما يخص المرحلة الإعدادية و97 بلداً فيما يخص المرحلة الثانوية العليا).

​ومع تزايد أهمية المهارات الرقمية المتقدمة بالنسبة للتوظيف ونجاح ريادة الأعمال، يتوقع بعض الخبراء احتمال وجود “فجوة في المواهب” قريباً من حيث العمال ذوي الكفاءات المتقدمة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتتفاقم هذه الحاجة إلى العاملين المؤهلين بسبب مختلف أوجه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية مثل نقص النفاذ إلى الإنترنت في المنازل.

والافتقار إلى التوصيلية الرقمية هو مجرد عائق أولي أمام الحصول على المهارات التكنولوجية والتعليم الذي يحتاجه الشباب لتحقيق النجاح. ووفقاً للتقرير المعنون “كم عدد الأطفال والشباب الذين يتمتعون بالنفاذ إلى الإنترنت في المنزل”، وهو جهد مشترك بين اليونيسف والاتحاد، يفتقر أكثر من ثلثي الفتيات والفتيان في سن التمدرس الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 سنة (1,3 مليار طفل) و63% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة (حوالي 760 مليون شاب) في العالم إلى النفاذ إلى الإنترنت في المنزل. وعلى الصعيد العالمي، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة، فإن حوالي ثلثي (66%) جميع الأسر موصولة بالإنترنت، مما يترك حوالي 2,2 مليار طفل وشاب يبلغون من العمر 25 عاماً أو أقل دون إمكانية النفاذ إلى التوصيل بالإنترنت في المنزل. ويختلف النفاذ إلى الإنترنت اختلافاً كبيراً اعتماداً على الثروة النسبية للبلدان: ففي البلدان المرتفعة الدخل، تتمتع نسبة 87% من الأطفال والشباب بتوصيل بالإنترنت في المنزل، بينما تبلغ هذه النسبة 6% فقط في البلدان المنخفضة الدخل​. وغالباً ما يعتمد حصول الشباب على التوصيل بالإنترنت (وبالتالي تنمية المهارات الرقمية) على ثروة والديهم ودخلهم ومستوياتهم المعيشية.

يمكن لجميع أصحاب المصلحة بما في ذلك الحكومات والهيئات الأكاديمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وضع استراتيجيات تساعد على تنمية المهارات الرقمية للشباب ودعم الشمول الاقتصادي والاجتماعي والرقمي الكامل لجميع الشباب. ويمكن أن تساعد التكنولوجيا الرقمية في تعزيز التعليم، والحد من البطالة في صفوف الشباب، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولكن، لكي يستفيد الشباب من هذه الفرص، يجب تزويدهم بمجموعة من المهارات التكنولوجية وبإمكانية النفاذ إلى التوصيلية بأسعار معقولة.

وينبغي للحكومات أن تركز على الاستراتيجيات التي تمكن الشباب من زيادة الانخراط في مجتمعاتهم المحلية. وتشمل هذه الاستراتيجيات ما يلي:

تشكيل تحالف من القادة الشباب الموهوبين الذين يقومون بدور فعال في المجال الرقمي. يمكن للحكومات أن توجه نداءً للشباب في بلدانهم لوضع برنامج القيادات الشابة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات​ على الصعيد الوطني. ويمكن لهؤلاء القادة الشباب بعد ذلك تنظيم حملات ومبادرات وبرامج للشباب وغيرها من الأنشطة المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والترويج لها مما يساهم في تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويمكنهم أيضاً حشد الدعم لمشاركة أكثر شمولاً للشباب في المنتديات السياسية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.​

​تنظيم وتعزيز التحديات والمسابقات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل الشباب. يمكن للحكومات تمويل مسابقات تطلب من خلالها من الشباب تطوير حلول رقمية مبتكرة للتحديات الوطنية أو العالمية القائمة. ويمكن للجهات الفاعلة في الأوساط الأكاديمية أن تقيم شراكات مع هذه المسابقات تهدف إلى زيادة مشاركة الشباب​ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.​

تنظيم منتديات إقليمية للشباب. يمكن للحكومات ترتيب اجتماعات ومساحات إقليمية للشباب لمناقشة الفرص والتحديات المتعلقة بالتكنولوجيا في مناطقهم وتقديم تعليقاتهم إلى قادة الحكومات. وسيؤدي ذلك إلى إحداث تغيير ملموس وتوسيع مشاركة الشباب في تنفيذ السياسات المتعلقة بالتكنولوجيا.​

إشراك الشباب من خلال فرص توظيف الشباب أو المساحات المفتوحة مثل “مختبرات الشباب” حيث يمكن للشباب العثور على مرشدين وشبكات دعم أو تطوير مهارات رقمية جديدة.​​

توسيع المناهج الدراسية الوطنية للمدارس الابتدائية والثانوية لتشمل تدريس مهارات التمكين الرقمي (أي الدعوة إلى معالجة قضايا اجتماعية على الإنترنت، واستحداث المحتوى وتقاسمه في أشكال وسائط مختلفة)، ومهارات التواصل الرقمي (أي المشاركة في محادثات حول الذكاء الاصطناعي)، ومهارات المشاركة الرقمية (أي كيفية حماية الأجهزة الرقمية من عمليات التدليس أو الاحتيال)، ومهارات الرفاهية الرقمية (أي كيفية استكشاف الهوية الإلكترونية، وكيفية العناية بالصحة العقلية أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي).

اترك تعليقا