“أناشد جميع ممثلي الدول، للتأكد من أنه ما من ملاذ آمن لأي نوع من الإرهاب على الإطلاق”. جاءت هذه الكلمات على لسان نيدهي شافيكار- إحدى الناجيات من هجمات بروكسل الإرهابية عام 2016- خلالها حديثها في افتتاح اجتماع خاص للجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في الهند يوم الجمعة.
عقدت الفعالية في فندق تاج محل بالاس، في مومباي، حيث خلفت سلسلة من الهجمات الإرهابية المنسقة 31 قتيلا والعديد من الجرحى، في نوفمبر 2008.
ومن بين الناجين كارامبير كانغ، الذي أدلى أيضا بشهادته أمام المؤتمر، مؤكدا على ضرورة الاستماع إلى آراء واحتياجات الضحايا.
يعمل السيد كانغ موظفا في الفندق نفسه، وقد استذكر ساعات الرعب التي أدت إلى فقدانه زوجته وابنه والعديد من زملائه.
وأضاف: “شعرنا بأن منزلنا يتعرض للهجوم. لذلك، كان علينا الدفاع عنه لأنه عزيز علينا. الإرهاب ليس أمرا يحدث لأشخاص آخرين في مكان آخر. إنه(تهديد) حقيقي، ويمكن أن يحدث لأي شخص في أي مكان”.
وأشار إلى أنه تحدى آثار هذه الهجمات من خلال إعادة بناء الفندق في غضون 18 شهرا فقط. واختتم حديثه قائلا: “لذلك أحث مجلس الأمن على تحدي هذه الأعمال الإرهابية من خلال العمل والتعاون بحزم ضد الإرهاب”.
أحد الناجين من هجمات فندق تاج محل هو موشي، الذي كان يبلغ من العمر عامين وقت وقوع الهجوم، وقد أنقذته مربيته. يعيش حاليا في إسرائيل مع أجداده. لقي والدته ووالده حتفهما في إطلاق نار خلال الهجوم الإرهابي.
وقال في رسالة مصورة بثت في الفعالية: “اجتماعكم هنا في مومباي مهم للغاية. من المهم جدا أن تجدوا طرقا جديدة لمكافحة الإرهاب، حتى لا يعاني أحد غيري من تجربة مماثلة لتجربتي”.
تمت استضافة فعالية الافتتاح في الفندق تخليدا لذكرى ضحاياه، وضم الدول الأعضاء في مجلس الأمن – الحالية وتلك التي تم انتخابها مؤخرا، والتي ستباشر عضويتها العام المقبل.
شددت رئيسة لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، السفيرة الهندية روشيرا كامبوج على أن هذه الشهادات ضرورية لتبيّن للمجتمع الدولي عواقب الأعمال الإرهابية وقدرة الناجين على الصمود.
وأضافت السيدة نيدهي تشافيكار: “الشيء الوحيد الذي لا يزال مشتركا بيننا جميعا [الناجين] هو الألم. نحن ضحايا هجوم على الإنسانية”.
خلال وجوده في الهند الأسبوع الماضي، قام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش بزيارة فندق تاج محل بالاس. وفي خطابه الذي ألقى الضوء فيه على الهجمات، قال إن “الإرهاب شر مطلق ولا مكان له في عالم اليوم”.
وأكد على ضرورة أن تكون محاربة الإرهاب أولوية عالمية، وهي أولوية مركزية لعمل الأمم المتحدة. كما أعرب عن تضامنه مع الضحايا والناجين من هجمات مومباي.
مباشرة بعد حفل إحياء ذكرى الضحايا، بدأت المناقشات الرسمية، حيث استعرض الممثلون الموضوع الأساسي للاجتماع الخاص، حول كيفية إساءة استخدام التكنولوجيا المفيدة بهدف نشر الإرهاب. وقد سلطوا الضوء على مخاوفهم، واستمعوا إلى إحاطة من خبراء الأمم المتحدة.
عندما يفكر المرء في الإرهاب، فإن الصورة التي تتبادر إلى الذهن غالبا هي هجمات كبيرة تقوم بها جماعات متطرفة سيئة السمعة، معظمها ضد المدنيين.
ولكن التكنولوجيا كشفت عن واجهة أخرى للإرهاب، حيث قربت هذه التكنولوجيا خطر الهجمات “غير المرئية”، وفي كثير من الحالات، على بعد نقرة واحدة فقط.
وستشهد العاصمة الهندية نيودلهي يوم السبت انعقاد عدة جلسات لمناقشة تمويل الإرهاب عبر الإنترنت، واستخدام الطائرات بدون طيار في النزاعات، وأهمية حقوق الإنسان بالنسبة لتحديد المبادئ التوجيهية بشأن هذه القضية.
وصرح السيد ديفيد شاريا، رئيس فرع اللجنة التنفيذية لمكافحة الإرهاب، لأخبار الأمم المتحدة بأن المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب تأمل في التوصل إلى بعض التفاهم حول كيفية الموازنة بين فوائد ومخاطر هذه الابتكارات، حيث قال:
“هناك الكثير من الفوائد التي تجنيها اقتصاداتنا ومجتمعاتنا من هذه التقنيات. في الوقت نفسه، من المحتمل أن تدرك أن هناك خطرا وتحديا في التعامل مع هذا الخطر، الأمر الذي سيتطلب عدة خطوات”.
علاوة على ذلك، أعرب السيد شاريا عن ثقته من أن النتائج “لن تضحي بقيمنا، ولا سيما حقوق الإنسان، وحرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، والحق في المعلومات، والحق في الخصوصية”.
وقال إن أحد الأصول الأساسية للمناقشة هو جمع المجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية معا حول الطاولة.
“يفهم القطاع الخاص التقنيات بشكل أفضل بكثير من الحكومات، ويعرف أيضا ما إذا كانت حلولنا ستكون فعالة أم لا”.
ومن المتوقع أن يقدم ممثلو شركات التكنولوجيا الدولية مثل غوغل وميتا(فيسبوك) إحاطة لأعضاء مجلس الأمن.
وأوضح السيد ديفيد شاريا أن “الاجتماع لن يتوصل إلى خطة عمل محددة للغاية” ولكنه سيمهد الطريق، بالتعاون مع الدول الأعضاء، لمزيد من المناقشات، التي يرى أنها تشكل تقدما مهما في هذا الجزء الرئيسي من جدول أعمال مكافحة الإرهاب.