عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مفتوحة مساء الأربعاء في إطار بند جدول الأعمال “صون السلم والأمن الدوليين” بطلب من روسيا، ناقش فيها الاتهامات التي وجهتها دول غربية- وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- لإيران بتزويد روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في حربها التي تشنها ضد أوكرانيا.
تم عقد الاجتماع بطلب من روسيا ردا على رسائل بعثت بها كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى المجلس، بحجة أن نقل إيران لطائرات بدون طيار إلى روسيا يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2231 الصادر في 20 تموز/يوليو 2015، والذي أيد خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي.
في 21 تشرين الأول/أكتوبر الحالي بعثت الولايات المتحدة برسالة إلى المجلس تتهم فيها إيران وروسيا بانتهاك القرار 2231 وطلبت من الأمانة العامة إجراء تحقيق “لتقييم نوع الطائرات المسيرة المشاركة في عمليات النقل هذه في ضوء المحظورات الواردة في القرار”.
ثم أرسلت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة- وجميعها أطراف في خطة العمل الشاملة المشتركة- رسالة إلى المجلس في نفس اليوم زعمت فيها أيضا أن إيران وروسيا انتهكتا القرار 2231.
وأشارت هذه الدول في رسالتها إلى أنها ” ترحب بإجراء تحقيق من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة”، وأكدت أنها ” على استعداد لدعم عمل الأمانة في إجراء تحقيق فني ونزيه”.
متحدثا في جلسة المجلس، قال ميغيل دي سيربا سواريس، وكيل الأمين العام للشؤون القانونية والمستشار القانوني للأمم المتحدة إنه طُلب منه تقديم إحاطة بشأن المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث تناول السياق الذي جاء فيه هذا الطلب من خلال توضيح طبيعة العمل الذي يقوم به الأمين العام والأمانة العامة فيما يتعلق بالقرار 2231 (2015)، حيث قال:
“تحدد المادة 100 التزامات الأمين العام وموظفي الأمانة العامة في تصريف أعمالهم، والالتزامات المقابلة من جانب الدول الأعضاء تجاه الأمانة العامة. كثيرا ما وُصفت المادة بأنها أساس فكرة الأمانة العامة كخدمة مدنية دولية”.
وتشير الفقرة الأولى من المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة إلى الآتي: “ليس للأمين العام ولا للموظفين أن يطلبوا أو أن يتلقوا في تأدية واجبهم تعليمات من أية حكومة أو من أية سلطة خارجة عن الهيئة. وعليهم أن يمتنعوا عن القيام بأي عمل قد يسئ إلى مراكزهم بوصفهم موظفين دوليين مسؤولين أمام الهيئة وحدها.”
تحدث المستشار القانوني للأمم المتحدة عن العمل الذي قام به الأمين العام والأمانة العامة فيما يتعلق بالقرار 2231 (2015):
“دون الانحراف بأي شكل من الأشكال عن المعايير التي تطلب المادة 100 من الأمانة والدول الأعضاء الالتزام بها، تحيط الأمانة العامة علما بجميع المعلومات التي تعرض عليها من قبل الدول الأعضاء من أجل التأكد من مدى ملاءمتها للولاية المسندة إليها”.
وتابع قائلا: “بهذه الروح، وليس بأي شكل آخر، أشارت وكيلة الأمين العام روزماري ديكارلو في كلمتها في المجلس خلال مشاوراته غير الرسمية في 19 تشرين الأول / أكتوبر، إلى أن الأمانة العامة مستعدة لتقييم المعلومات إذا طلبت الدول الأعضاء ذلك، كما هو الحال أيضا بالنسبة للمتحدث الرسمي في تصريحاته في 20 تشرين الأول/أكتوبر”.
مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا وصف الخطابات التي أرسلتها كل من الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا والمملكة المتحدة إلى مجلس الأمن بأنها “أدلة على أن هذه الوفود تنتهك الفقرة الثانية من المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة”.
تنص الفقرة الثانية من الميثاق على: ” يتعهد كل عضو في “الأمم المتحدة” باحترام الصفة الدولية البحتة لمسؤوليات الأمين العام والموظفين وبألا يسعى إلى التأثير فيهم عند اضطلاعهم بمسؤولياتهم”.
واتهم السفير الروسي الدول المذكورة بمحاولة التأثير على الأمانة العامة للأمم المتحدة “وإجبارها على ارتكاب انتهاك” لميثاق الأمم المتحدة.
وقال إن تصرفات وفود الدول الغربية بطلبها من الأمانة العامة إجراء تحقيق بشأن الطائرات المسيرة يمثل “سابقة خطيرة في أعمال المجلس”.
وتابع قائلا: “من الواضح أنه في سياق القرار 2231، فإن الأمانة تعمل بشكل حصري كنقطة اتصال”.
أما السفير روبرت وود الممثل المناوب للولايات المتحدة في الأمم المتحدة للشؤون السياسية الخاصة فقال إن الطلبات التي تقدمت بها الولايات المتحدة وأعضاء المجلس الآخرين لم تكن بمثابة “تعليمات”. وأضاف:
“كانت(الطلبات) على غرار الطلبات الأخرى العديدة التي قدمتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الأمين العام، طلبات بأن يتخذ الإجراء المناسب. تقدم العديد من الدول الأعضاء- بما فيها روسيا- طلبات من هذا القبيل إلى الأمين العام. في الواقع، طلبت روسيا من الأمين العام- في أغسطس من هذا العام-التحقيق في عمليات القتل في سجن في شرق أوكرانيا. واستجابة لهذا الطلب، قرر الأمين العام إيفاد بعثة لتقصي الحقائق… مثل هذه الطلبات للتحقيقات شائعة ومناسبة ولا تنتهك بأي حال المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة”.
نائبة مندوب أوكرانيا لدى الأمم المتحدة وصفت الاجتماع بأنه محاولة روسية لتشتيت الانتباه عن “جريمة عدوانها وجرائم الحرب والجرائم ضد البشرية التي ترتكبها في بلادي”.
وقالت إن العدوان الروسي على بلادها يشكل انتهاكا صارخا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة. ومضت قائلة: “إن نداء روسيا من أجل الميثاق يعتبر ضربا من النفاق. روسيا مستمرة في التهديد والابتزاز. وهي تتوجه الآن بهذه التهديدات إلى الأمانة”.
وأشارت إلى أن المحاولات الروسية “لعرقلة التحقيق ما هي إلا محاولات للضغط على الأمانة بهدف التملص من أي مسؤولية”.
وأعربت عن كامل دعمها للأمين العام وللأمانة العامة “بالتماشي مع التزاماتنا تجاه أحكام المادة 100 من الميثاق”.
وقال مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني إن بعض الدول أعضاء مجلس الأمن ومنها الولايات المتحدة وجهت اتهامات لإيران بأنها تنتهك القرار 2231 رغم أن هذه الدول مستمرة في انتهاكها لالتزاماتها وواجباتها المنصوص عليها في القرار”.
وتابع قائلا: “في محاولة يائسة تسعى الولايات المتحدة الآن إلى اصطناع رابط مزيف ما بين أحكام القرار 2231 واستخدام الطائرات المسيرة في النزاع الدائر في أوكرانيا عبر نشرها ادعاءات لا أساس لها من الصحة”.
وفيما يتعلق بالطلب المقدم إلى الأمانة لإجراء تحقيق، فقال المسؤول الإيراني إن القرار نفسه لا يوفر أي قاعدة قانونية لعملية التحقيق هذه”.
وأكد موقف بلاده “الثابت والواضح بشأن النزاع الدائر في أوكرانيا” والمتمثل في “الحياد النشط”، داعيا الدول الأعضاء إلى احترام مبادئ وغايات ميثاق الأمم المتحدة”.