في حدث رفيع المستوى عقد على هامش المناقشة العامة للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة في نيويورك، تم إطلاق الصندوق الإسلامي العالمي للاجئين.
وكان ذلك بحضور السيد فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والدكتور محمد الجاسر، رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ممثلا بالدكتور منصور مختار، نائب رئيس البنك الإسلامي للتنمية للبرامج، والدكتورة هبة أحمد، المديرة العامة لصندوق التضامن الإسلامي للتنمية.
ويأتي إطلاق هذه الصندوق على خلفية ما آل إليه وضع اللاجئين في العالم وخاصة في الدول العربية والإسلامية. فبحسب السيد خالد خليفة، مستشار المفوض السامي للتمويل الإسلامي وممثل المفوضية لدى دول مجلس التعاون الخليجي، زاد عدد المهجّرين قسرا أو الأشخاص الذين تركوا بيوتهم، سواء كانوا داخل بلدانهم أو خارجها، هذا العام عن مئة مليون شخص!
“لكن الرقم في حد ذاته ليس المهم، المهم هو التوزيع الديمغرافي لهذا الرقم، فما يزيد عن ستين بالمئة من هذا الرقم يأتي من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وهي نفس الدول التابعة للبنك الإسلامي للتنمية،” كما أوضح لنا السيد خليفة في حوار خاص تطرقنا معه فيه إلى أهمية هذا الصندوق وآلية عمله المبتكرة.
وبحسب إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، تنتج هذه الدول وتستضيف أكبر عدد من اللاجئين والنازحين على مستوى العالم. وفي ظل تزايد الاحتياجات الناجمة عن ظاهرة التهجير القسري وشح موارد الاستجابة الإنسانية لها، اتفق صندوق التضامن الإسلامي للتنمية ومفوضية اللاجئين على الاشتراك في إطلاق هذه المبادرة التمويلية المبتكرة- من الناحيتين التمويلية والتشغيلية- بهدف توفير حلول متميزة ومستدامة لمعالجة هذه الأزمة.
مستشار المفوض السامي للتمويل الإسلامي، شرح ماهية هذا الصندوق الجديد مشيرا إلى أنه ينقسم إلى قسمين “وقفي وغير وقفي” وذلك لفتح الخيارات أمام المتبرعين والمودعين، لافتا الانتباه إلى أن هذين القسمين يجتمعان في الاستثمار وأيضا في الربح الناتج عن هذا الاستثمار.
تحدث السيد خالد خليفة: الصندوق الجديد هو خطوة في اتجاه إضافي لبرنامج العمل الخيري الإسلامي التابع للمفوضية. وأكاد أزعم أن المفوضية هي الجهة الأكثر تقدما في هذا المجال داخل المنظومة الأممية- لا أعرف عن جهة أخرى لديها مكتب متكامل للتمويل الخيري الإسلامي وفريق عمل منتشر في شتى بقاع الأرض.
تفضلتِ بذكر صندوق الزكاة، صندوق الزكاة للاجئين تم تأسيسه وإطلاقه رسميا في عام 2017 وأصبح الآن من الأدوات التي يعتمد عليها المانحون في إخراج أموال زكاتهم. بلغنا حتى الآن ما يقرب من مئتي مليون دولار، تلقيناها من المتبرعين خلال السنوات الماضية وأنفقناها بالكامل على النازحين واللاجئين في الدول المستحقة. ننفذ مشاريع الزكاة في 13 دولة فقط، رغم أن المفوضية تعمل في ما يزيد عن 137 دولة حول العالم، ولكن تلك الدول هي التي نضمن فيها المطابقة للشريعة في التنفيذ. ويتم التنفيذ على آلية تعتمد مئة بالمئة على الإنفاق، أي ما نحصل عليه يتم تخصيصه بالكامل للاجئين ونغطي جميع المصاريف من جهات أخرى، وقد حصل الصندوق على 15 فتوى من جهات مختلفة حول العالم.
فأصبحت الزكاة آلية معتمدة وواضحة يثق فيها المانحون وتكبر كل عام الحمدالله. وكان لِزاما علينا أن نبحث عن آلية أخرى لأن التجديد مطلوب في عملنا، فبدأنا منذ ثلاث سنوات نبحث موضوع الوقف كآلية إضافية من أدوات العمل الخيري الإسلامي، والتفاوض والنقاش وتصميم البرنامج مع البنك الإسلامي وصندوق التضامن استغرق ثلاث سنوات. فللمستمع أن يتخيل كم الجهد المبذول في هذا الاتجاه. في المستقبل إن شاء الله نتجه إلى الصكوك الإسلامية كأداة إضافية من أدوات التمويل الإسلامي.
وأكمل: “أقول لمن يستمعون إلينا ومن يرغبون المساعدة، كنتم تطالبون دائما بالتجديد والبحث عن أدوات تمويلية مستدامة ومتجددة وها نحن بصدد تنفيذ ما طالبتمونا به، فنرجو مساعدة الجميع على إنجاح هذه الفكرة. ما يهم في هذا الصدد ليس الصندوق في حد ذاته ولكن الفكرة نفسها التي يمكن البناء عليها ويمكن تكرراها وتكبيرها لتصبح فكرة تخدم فعلا المجتمع الإنساني، فنحن نحتاج لمساعدة الجميع، أفرادا ومؤسسات ومانحين لكي تنجح هذه الفكرة وتؤتي ثمارها بإذن الله”.