في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، شدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على أن أي ضرر، سواء كان متعمدا أم لا، يلحق بزابوروجيا-أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا– أو بأي منشأة نووية أخرى في أوكرانيا، يمكن أن يؤدي إلى كارثة، ليس فقط للجوار المباشر، بل للمنطقة وخارجها.
ودعا السيد غوتيريش إلى ضرورة اتخاذ جميع الخطوات لتجنب مثل هذا السيناريو، مشيرا إلى ضرورة أن يقوم الحسّ السليم والتعاون بتوجيه الطريق إلى الأمام، ومؤكدا أن أي فعل قد يعرّض سلامة أو أمن المحطة النووية للخطر غير مقبول.
وقال في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء: “لا أزال قلقا للغاية بشأن الوضع في محطة زابوروجيا وحولها، بما في ذلك التقارير عن القصف الأخير.”
وقد عقد مجلس الأمن جلسة مفتوحة حول الوضع في أوكرانيا في إطار بند جدول الأعمال “التهديدات للسلم والأمن الدوليين” بطلب من روسيا.
وهذا هو ثالث اجتماع لمجلس الأمن حول محطة زابوروجيا للطاقة النووية بعد اجتماعي 11 و23 آب/أغسطس. في الأسابيع الأخيرة، أثار القصف حول الموقع – الذي تبادلت كل من أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأنه – مخاوف بشأن وقوع كارثة محتملة. وتسيطر القوات الروسية على المحطة النووية منذ آذار/مارس، بينما يواصل الفنيّون الأوكرانيون تشغيلها.
وتابع السيد غوتيريش يقول: “أحيي الجهود الشجاعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمهمة التي يقودها المدير العام، رافاييل ماريانو غروسي.” – كما شكر الطرفين على تعاونهما.
أكد السيد غوتيريش أن الأمانة العامة للأمم المتحدة دعمت “بكل فخر” الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مهمّتها الحاسمة، لضمان التشغيل الآمن للمحطة.
وأوضح أن كل الجهود المبذولة لإعادة إنشاء المحطة كبنية تحتية مدنية بحتة أمر حيوي.
وقال: “كخطوة أولى، يجب على القوات الروسية والأوكرانية الالتزام بعدم الانخراط في أي نشاط عسكري تجاه موقع المحطة أو من موقع المحطة.”
وحث على ضرورة ألا تكون محطة زابوروجيا والمناطق المحيطة بها هدفا أو منصة للعمليات العسكرية.
ومضى قائلا: “كخطوة ثانية، يجب تأمين اتفاق حول محيط منزوع السلاح. على وجه التحديد، سيشمل ذلك التزام القوات الروسية بسحب جميع الأفراد والمعدات العسكرية من ذلك المحيط، والتزام القوات الأوكرانية بعدم الدخول إليه.”
كما أشار إلى أنه يجب أن يكون المشغّلون في المحطة قادرين على تنفيذ مسؤولياتهم، ويجب الحفاظ على الاتصالات. “حان الوقت الآن للاتفاق بشكل عاجل على تدابير ملموسة لضمان سلامة المنطقة.”
وأعرب عن أسفه لأن المؤتمر الاستعراضي العاشر للأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في الشهر الماضي وقع ضحية للحرب في أوكرانيا على حدّ تعبيره.
وقال إن الوثيقة الختامية سعت إلى معالجة مسألة سلامة وأمن محطات الطاقة النووية في مناطق النزاع المسلح، بما في ذلك في أوكرانيا. لكن فشل المؤتمر في التوصل إلى توافق في الآراء لاغتنام فرصة تعزيز المعاهدة.
“أناشد جميع الدول أن تستخدم كل سبل الحوار والدبلوماسية لإحراز تقدّم بشأن هذه القضايا الحاسمة.”
بالنظر قدما، أكد الأمين العام على ثقته بأن خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين تم نشرهم الآن في زابوروجيا سيكونون قادرين على أداء واجبهم دون عوائق والمساهمة في ضمان السلامة والأمن النوويين الدائمين في المحطة.
وقال في ختام كلمته: “كل واحد منا له مصلحة في نجاح مهمتهم الحاسمة. دعونا نلتزم ببذل كل ما في وسعنا لدعمهم. ودعونا نعقد العزم على مواصلة العمل من أجل السلام بما يتماشى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.”
قدّم مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل ماريانو غروسي، إحاطة عبر تقنية الفيديو، وكان قد أنهى زيارة إلى محطة زابوروجيا الأسبوع الماضي، وأحاط مجلس الأمن الدولي بما لاحظه فيما يتعلق بالسلامة والأمن النوويين في المحطة.
وقال: “اليوم، كما رأيتم على الأرجح، أصدرت تقريرا شاملا صدر عن البعثة التي تشرفت بقيادتها الأسبوع الماضي إلى أوكرانيا ومحطة زابوروجيا النووية.”
وتحدث عن العناصر التي لا غنى عنها للأمان والأمن النوويين في سبع ركائز خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة في 2 آذار/مارس لمناقشة تداعيات الوضع في أوكرانيا على الأمان والأمن والضمانات.
وكان قد أعرب بانتظام عن قلقه البالغ إزاء اختراق الركائز السبع في مواقع المنشآت النووية في أوكرانيا.
أولى الركائز السبع تنص على أنه “يجب الحفاظ على السلامة المادية للمرافق– سواء كانت المفاعلات أو أحواض الوقود أو أماكن خزن النفايات المشعة.”
وتنص الركيزة الثانية على أنه “يجب أن تطل جميع أنظمة ومعدات السلامة والأمن تعمل بكامل طاقتها في جميع الأوقات.”
الركيزة الثالثة تنص على أنه “يجب أن يتمكن الموظفون القائمون على التشغيل من الوفاء بواجباتهم المتعلقة بالسلامة والأمان والأمن وأن يكون بوسعهم اتخاذ القرارات دون التعرّض لضغوط لا لزوم لها.”
تنص الركيزة الرابعة على أنه “يجب أن تتوفر لجميع المواقع النووية إمدادات آمنة بالكهرباء من خارج الموقع عن طريق الشبكة الكهربائية.”
الركيزة الخامسة تنص على أنه “يجب أن تتوفر سلاسل الإمداد اللوجستية ووسائل النقل من المواقع وإليها دون انقطاع.”
تنص الركيزة السادسة على أنه “يجب أن توجد داخل الموقع وخارجه نظم فعالة للرصد الإشعاعي وتدابير للتأهب والتصدي للطوارئ.”
أما الركيزة السابعة فتنص على أنه “يجب أن تتوفر وسائل اتصال موثوقة مع الهيئة الرقابية وغيرها”.
وتابع قائلا: “الهجمات المادية، سواء عن قصد أو بدون قصد، والضربات التي تلقتها هذه المنشأة والتي أنا شخصيا اطّلعت عليها وقيّمتها إلى جانب خبرائي ببساطة هي أمر غير مقبول. هذا لعب بالنار، وأمر كارثي قد يحدث.”
وأشار إلى أنه لهذا السبب “في تقريرنا نقترح إنشاء منطقة حماية للأمان والأمن النوويين تقتصر على المحيط والمنشأة نفسها” مؤكدا أن هناك واجبا أخلاقيا يدعو لمنع حدوث خطب ما.
وأكد أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ظلوا في الموقع، مما يمنح القدرة على تقييم الوضع على الأرض.
أعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، عن سروره من أن الزيارة مكنّت البعثة من تقييم الوضع في المحطة، مؤكدا أنه يتم الامتثال للركائز السبع بشكل صارم من جانب روسيا.
لكنّه قال موجّها كلمته إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: “نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت للاطلاع على هذا التقرير، لذلك لن أدخل في تفاصيل بشأن ما ورد فيه، لكنني أطلب منك أن توضح ما هي المعدّات العسكرية التي رأيتَها خلال زيارتك لمحطة زابوروجيا للطاقة النووية”.
وأوضح أن روسيا تحاول أن تشرح للزملاء الغربيّين بأن القصف يزيد من خطر حادثة نووية في أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا.
وتابع يقول: “نرحب بقرار الوكالة القاضي بضمان تواجد دائم للوكالة في أوكرانيا، هذا تغيّر نوعي، فالوكالة ستتمكن الآن من تقييم الوضع في الوقت الفعلي.. ونحن مستعدون لمساعدة المفتشين بأي طريقة ممكنة.”
وشدد على أن الجانب الروسي بذل كافة الجهود لوصول الفريق إلى المحطة بشكل آمن. واتهم الجانب الأوكراني بمحاولة منع هذه الزيارة.
وأوضح قائلا: “المدفعية الأوكرانية قصفت منطقة زابوروجيا عندما التقى ممثلو الوكالة مع ممثلين روس، وكذلك الطريق نحو هذه المحطة.”
ودعا الأمم المتحدة إلى التنديد بما وصفه “استفزازات” من الجانب الأوكراني، “تهدف إلى استهداف المحطة وكذلك الموظفين الدوليين، مفتشي الوكالة الدولية للوكالة الذرية.”
قال سيرغي كيسليتسا، مندوب أوكرانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، في كلمته أمام مجلس الأمن إن روسيا “للأسف” تحاول مرة أخرى إساءة استخدام مجلس الأمن لصرف انتباه المجتمع الدولي عن الحاجة الملحة لنزع السلاح وإنهاء احتلال المنشأة النووية، التي حوّلتها روسيا إلى قاعدة عسكرية على حدّ تعبيره.
وقال: “من المثير للاهتمام حقا الملاحظة في هذه القاعة كيف يتذمر السفير الروسي بشأن أنه لم يملك الوقت لدراسة التقرير بشكل جيد الذي صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكأنها لم تكن روسيا نفسها التي دعت على نحو عاجل لعقد هذا الاجتماع.”
وأشار إلى أن روسيا تحاول من خلال ذلك ممارسة الضغط على المدير العام غروسي وفريقه وهم لا يزالون في خضّم إعداد التقرير.
“وعندما فشلت هذه الخطة، بفضل العمل على مدار الساعة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحقيقة أنه تم إصدار التقرير اليوم قبل الاجتماع، فإن السفير الروسي حاول بيأس المناورة فيما يتعلق بالتقرير وهو نفسه اعترف أنه لم يكن لديه الوقت لدراسته.”
وأضاف أن نصيحته الأولى للمندوب الروسي هي أن يكون صبورا في المرة المقبلة، والنصيحة الثانية “لا تضع الكلمات بفم حكومتي، فدوري هو التحدث باسم حكومتي في هذه القاعة، ولن يكون هذا دوركم أبدا على الإطلاق.”
وأكد أن أوكرانيا بذلت كل الجهود لضمان بدء البعثة بمهمتها في أسرع وقت ممكن وأداء واجبها بأمان.