يعمل برنامج الأغذية العالمي بالتعاون مع الشركاء في لبنان على تنفيذ مبادرة تهدف إلى زراعة أكثر من مليون شجرة، تجمع لبنانيين ولاجئين سوريين، وتساعدهم على كسب بعض من الدخل في بلد يمرّ حاليا بعامه الثالث من التدهور الاقتصادي الحاد، فيما يعاني 46 في المائة من أبنائه من انعدام الأمن الغذائي.
للتخفيف من آثار تغيّر المناخ، عمل برنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية مع المجتمعات المحلية على مشروع لزراعة نباتات مقاومة للمناخ، مثل الصنوبر والخروب والأعشاب الطبية، بما في ذلك الزعتر وإكليل الجبل.
ويُعدّ التخفيف من آثار تغيّر المناخ ودعم الأسر في كسب الدخل خطوات حاسمة نحو تحسين الأمن الغذائي للأسر
ولمدة عامين تقريبا، كان المشاركون في المبادرة يستيقظون قبل شروق الشمس، ويتوجهون إلى موقع التشجير في القرعون في سهل البقاع بلبنان.
عندما شرعوا في الزراعة، كانت المنطقة مليئة بالأشواك وبعض الأشجار والتلال القاحلة. ومع الانتهاء من المشروع، عملت المجموعة – مع مئات المزارعين اللبنانيين واللاجئين السوريين – معا بهدف زراعة أكثر من مليون شجرة في 550 موقعا، في جميع أنحاء البلاد.
تأتي المبادرة في وقتها، إذ ترتفع أسعار المواد الغذائية الأساسية وقد أصبحت الآن أغلى 15 مرة مما كانت عليه في عام 2019.
يشرف قاسم جوني، مهندس زراعي في برنامج الأغذية العالمي، على المشروع منذ بداياته في عام 2017. ويقول: “كانت الأهداف الرئيسية زراعة المزيد من الأشجار والحفاظ على تلك التي لدينا بالفعل. نريد أن نرى لبنان أكثر اخضرارا.”
تتعرض العائلات في سوريا ولبنان لضغوط اقتصادية هائلة. ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كلا البلدين، أصبحت حتى المواد الغذائية الأساسية الآن بعيدة عن متناول غالبية العائلات.
كان زاهر من أوائل الأشخاص الذين التحقوا بالمشروع. غادر سوريا في عام 2010 وواجه صعوبة في العثور على عمل لإعالة أسرته – وهو من بين أولئك الذين يتلقون مخصصات شهرية من برنامج الأغذية العالمي للمساعدة في تغطية الاحتياجات الأساسية
يقول: “لقد أزال هذا المشروع جزءا كبيرا من النفقات عن كاهلي” واستذكر الأوقات الجميلة التي قضاها مع زملائه في العمل في الحقل، قائلا:
“كنا نغني ونضحك، أمضينا أفضل الأوقات. شعرنا بالسعادة والراحة عندما عملنا معا.”
من خلال زراعة الأشجار، اكتسب المشاركون مهارات تكتسي الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى.
“ما دمت أعمل، أشعر بالراحة – عندما أكون عاطلا عن العمل لا أشعر بالراحة.”
بالإضافة إلى العمل، يعتقد جعفر أن من أفضل ميّزات المشروع التعرّف على “أهل القرعون الطيبين.”
وعلى الرغم من إصابته، بذل جعفر قصارى جهده للنزول إلى الحقل للاعتناء بالنباتات. يقول: “ما دامت معي العصا (التي أتكئ عليها)، يمكنني فعل أي شيء.”
أكثر من 5,700 من المشاركين في المشروع من النساء. بالنسبة للكثيرات منهن، كانت هذه هي المرة الأولى التي يزرعن فيها أو يقمن بأنشطة حرجية.
تقول عايدة: “لدي ثقة بنفسي ولا آبه لما يقوله الناس عني. عملت بين 100 رجل وشعرنا جميعا بأننا أسرة. حافظنا على التواصل حتى بعد انتهاء المشروع. خلال العيد، كان كل واحد منهم يتصل بي ويطمئن عليّ كجزء من طقوس العيد.”
وشددت على ضرورة أن يساعد الجميع بعضهم البعض، وقالت: “إذا وجدنا شخصا متعبا في أي وقت، فسوف نتولى المسؤولية عنه.”
غادة وعائشة تعيلان أسرتيهما. وتقولان إنهما تشعران بالفخر لما حققتاه على الموقع، وكانتا حريصتين على أن تظهرا لأطفالهما ما تم إنجازه.
تقول غادة: “اصطحبت ابني البكر إلى حيث زرعنا الأشجار، وأريته كيف يؤتي العمل الجاد ثماره. أردتُ أن أريه مكاني عندما كنت بعيدة عنه وعن أشقائه.”
من جانبه، قال قاسم جوني: “هذه الشتلات المزروعة حديثا ستكون غابتنا المستقبلية، وسيتمكن الأشخاص الذين زرعوها من رؤيتها تنمو.”